وقوله (ولا جدال في الحج) فالذي رواه أصحابنا انه قول (لا والله) و (بلى والله) صادقا وكاذبا. وللمفسرين فيه قولان: أحدهما أنه لا مراء بالسباب والاغضاب على وجه اللجاج، والثاني أنه لا جدال في أن الحج قد استدار، لأنهم أنسأوا الشهور فقدموا وأخروا فالآن قد رجع إلى حاله. والجدال المخاصمة.
ولا رفث ان خرج مخرج النفي والاخبار فالمراد به النهي (وما تفعلوا من خير يعلمه الله) أي يجازيكم عليه لأنه عالم به.
(فصل) وقوله تعالى ﴿وتزودوا فان خير الزاد التقوى﴾ (١) أي تزودوا من الطعام ولا تلقوا كلكم على الناس كما يفعله العامة، وخير الزاد مع ذلك التقوى. وقيل تزودوا من الافعال الصالحة، فان الاستكثار من أعمال البر أحق شئ بالحج. والعموم يتناول التأويلين.
ثم قال ﴿ليس عليكم جناح ان تبتغوا فضلا من ربكم﴾ (2) وهذا تصريح بالاذن بالتجارة، وهو المروي عن أئمتنا عليهم السلام (3). أي لستم تأثمون في أن تبتغوا وتطلبوا الرزق، فإنهم كانوا يتأثمون بالتجارة في الحج، فرفع الله الاثم بهذه اللفظة عمن يتجر في الحج.
وقيل كان في الحج أجراء ومكارون، وكان الناس يقولون أنه لا حج لهم، فبين تعالى أنه لا اثم على الحاج في أن يكون أجيرا لغيره أو مكاريا.
وقيل معناه لا جناح ان تطلبوا المغفرة من ربكم، رواه جابر عن ابن جعفر