وقال الصادق عليه السلام: لو أن رجلا أنفق ما في يده في سبيل الله ما كان أحسن ولا وفق لقوله (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا ان الله يحب المحسنين) أي المقتصدين (1). وتقديره ولا تلقوا أنفسكم بأيديكم إلى التهلكة، كما يقال أهلك فلان نفسه: إذا تسبب لهلاكها.
والمعنى النهي عن ترك الانفاق في سبيل الله لأنه سبب الهلاك، أو عن الاسراف في النفقة، أو الاستقلال والاخطار بالنفس، أو عن ترك الغزو الذي هو تقوية للعدو. وقيل الياء مزيدة، والمعنى لا تقبضوا التهلكة أيديكم، أي لا تجعلوها آخذة بأيديكم.
(باب حكم القتال في الشهر الحرام) قال الله تعالى (والفتنة أشد من القتل) نزلت في سبب رجل من الصحابة قتل رجلا من الكفار في الشهر الحرام، فعابوا المؤمنين بذلك، فبين الله أن الفتنة في الدين أعظم من قتل المشركين في الشهر الحرام وإن كان محظورا (2).
ثم قال (الشهر الحرام بالشهر الحرام) قال حسن: ان مشركي العرب قالوا للنبي عليه السلام: أنهيت عن قتالنا في الشهر الحرام؟ قال: نعم. فأراد المشركون أن يغتروه في الشهر الحرام فيقاتلوه، فأنزل الله الآية.
فلهذا لا بأس بقتال المشركين في أي وقت كان الا الأشهر الحرم، فان من يرى منهم لها حرمة لا يبتدئون فيها بالقتال، فان بدأوهم بالقتال جاز حينئذ قتالهم.
ويجوز قتال من لا يرى للأشهر الحرم حرمة على كل حال.
(والحرمات قصاص) أي ان استحلوا منكم في الشهر الحرام شيئا فاستحلوا منهم مثل ما استحلوا منكم.