أن الله تعالى قد دعاه إلى كل واحدة من الصلاة على التخيير ولم يحظر عليه الجمع بينهما إذا شاء، فوجب أن يكون الفرض أحدهما على الابهام فلم يتعين بحكم شرعي.
وقال آخرون: إذا لم يمكنه السعي إلى الجمعة وإن كان مقيما ففرضه أربع.
ويكره السفر يوم الجمعة قبل الصلاة لأنه مانع من أفعال الخير، وكل ما يمنع من الأفضل في الأعمال مكروه.
(فصل) وقوله تعالى (وذروا البيع) أي دعوا المبايعة، فمعناه إذا دخل وقت الصلاة اتركوا البيع والشراء.
قال الفراء: انما لم يذكر الشراء - وهو مثله - لان المشترى والبايع يقع عليهما البيعان، فإذا زالت الشمس من يوم الجمعة والحال هذه حرم البيع والشراء حتى تقضى الصلاة.
قال الحسن: كل بيع تفوت فيه الصلاة يوم الجمعة فإنه بيع حرام لا يجوز.
وهذا الذي يقتضيه ظاهر الآية، وهو مذهبنا.
وتحريم البيع يدل على تحريم سائر ما يشغل عن التوفر على سماع الذكر وتدبره حتى الكلام، لان النهي يدل على فساد المنهي عنه.
(ذلكم خير لكم) ذلك يعني ما أمرتكم به من حضور الجمعة واستماع الذكر وأداء الفريضة وترك البيع خير لكم وأنفع عاقبة لكم (ان كنتم تعلمون) صحة ما قلناه وتعلمون منافع الأمور ومضارها ومصالح أنفسكم ومفاسدها أي اعلموا ذلك.
وفي الآية - كما ذكرنا - دلالة على وجوب الجمعة وتحريم جميع التصرفات عند سماع اذان الجمعة، لان البيع انما خص بالنهي عنه لكونه من أعم التصرفات في أسباب المعاش.