ثم الظاهر أن الفدية على من أطاق القضاء، وإن كان الخطاب راجعا إلى القضاء والأداء معا، فالظاهر أنه منهما (1) الا أن يقوم دلالة على تركه. وقال أهل العراق الحامل والمرضع اللتان يخافان على ولديهما يفطران ولا يقضيان يوما مكانه ولا صدقة عليهما ولا كفارة، وبه قال قوم من أصحابنا، وقال الشافعي - في رواية المزني - عليهما القضاء ويطعمان لكل يوم مدا، وهو مذهبنا المعول عليه.
والشيخ الكبير الذي لا يطيق الصوم يفطر ويتصدق مكان كل يوم نصف صاع في قول أهل العراق، وهو مذهبنا.
(فصل) قال المرتضى: من بلغ من الهرم إلى حد يتعذر معه الصوم وجب عليه الافطار بلا كفارة ولا فدية، ولو كان من ذكرنا حاله لو تكلف الصوم لتأتي منه لكن بمشقة شديدة يخشى المرض منها والضرر التعظيم كان له أن يفطر ويكفر عن كل يوم بمد من طعام..
قال: ومما يجوز أن يستدل به على أن الشيخ الذي لا يطيق الصوم يجوز له الافطار من غير فدية، قوله تعالى (لا يكلف الله نفسا الا وسعها) 2، وإذا لم يكن في وسع الشيخ الصوم خرج من الخطاب به ولا فدية عليه إذا أفطر، لان الفدية انما تكون عن تقصير، وإذا لم يطق الشيخ الصوم فلا تقصير وقع منه.
ويدل على أن من أطاق من الشيوخ الصوم لكن بمشقة شديدة يخشى منها المرض يجوز له أن يفطر ويفدي، قوله تعالى (وعلى الذين يطيقونه فدية)، ومعنى الآية أن الفدية تلزم مع الافطار، وكأن الله خير في ابتداء الامر بهذه الآية الناس