(فصل) وقوله تعالى ﴿انما المشركون نجس﴾ (١) يدل على أن سؤر اليهودي والنصراني وكل كافر أصلي أو مرتد أو ملي نجس.
وفي الآية شيئان تدل على المبالغة في نجاستهم:
أحدهما: قوله (انما المشركون)، فهو أبلغ في الاخبار بنجاستهم من أن يقال (المشركون نجس) من غير انما، فان قول القائل (انما زيد خارج) عند النحويين بمنزلة (ما خارج الا زيد).
والثاني: قوله (نجس) وهو مصدر، ولذلك لم يجمع، والتقدير انما المشركون ذو نجاسة. وجعلهم نجسا مبالغة في وصفهم بذلك، كما يقال (ما هو الأسير) إذا وصف بكثرة السير، وكقوله:
* فإنما هي اقبال وادبار (٣) * وليس لاحد أن يقول المراد به نجاسة الحكم لا نجاسة العين، لان حقيقة هذه اللفظة تقتضي نجاسة العين في الشرع، وانما يحمل على الحكم تشبيها ومجازا، والحقيقة أولى من المجاز باللفظ. على انا نحمله على الامرين، لأنه لا مانع من ذلك.
فان قيل: فقد قال الله تعالى ﴿وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم﴾ (3). وهذا عام في جميع ما شربوا وعالجوا بأيديهم.
قلنا: يجب تخصيص هذا الظاهر بالدلالة على نجاستهم، وتحمل هذه الآية على أن المراد بها طعامهم الذي هو الحبوب ويملكونه دون ما هو سؤر أو عالجوه بأجسامهم.