والصلاة أفضل العبادات، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وآله (لكل شئ وجه ووجه دينكم الصلاة) (1) وقال عليه السلام (الصلاة أول ما ينظر فيه من أعمال العبد، فان صحت لم ينظر في عمل من أعماله، وان لم تصح نظر فيها وفي جميع أفعاله) (2).
(فصل) فان قيل: كيف أمروا بالصلاة وهم لا يعرفون حقيقتها في الشريعة.
قيل: انما أمروا بذلك لأنهم أحيلوا فيه على بيان الرسول عليه السلام، ووجه الحكمة فيه ظاهر، لان المكلفين إذا أمروا بشئ على الاجمال كان أسهل عليهم في أول الوهلة وأدعى لهم في قبولها من أن يفصل. ثم كون المجمل المأمور به يدعوهم إلى استفسار ذلك، فيكون قبول تفصيله ألزم لهم.
ومثاله في العقليات: قول أصحاب المعارف لنا: لو كنا مكلفين بالمعرفة لوجب أن نكون عالمين بصفة المعرفة، لئلا يكون تكليفا بما لا يطاق.
فنقول لهم: الواحد منا - وان لم يكن عالما بصفة المعرفة - فإنه عالم بسبب المعرفة، وهو النظر. فالعلم به يقوم مقام العلم بمسببه الذي هو المعرفة وصفتها، والمكلف انما يجب ان يكون عالما بصفة ما كلف لتمكنه الاتيان به على الوجه الذي كلف، فإذا أمكنه من دونه فلا معنى لاشتراطه.
(فصل) وإقامة الصلاة أداؤها بحدودها وفرائضها كما فرضت عليهم، يقال (أقام القوم سوقهم) إذا لم يعطلوها من المبايعة.