حجاجا ورؤوسنا تقطر؟ فقال عليه السلام: انك لن تؤمن بها أبدا. فقام إليه سراقة فقال: فهذا الذي أمرتنا به لعامنا هذا أو لما يستقبل؟ فقال عليه السلام: بل هو للأبد إلى يوم القيامة ونزل رسول الله بمكة بالبطحاء هو وأصحابه ولم ينزلوا الدور، فلما كان يوم التروية عند زوال الشمس أمر الناس أن يغتسلوا ويهلوا بالحج، وكانت قريش تفيض من المزدلفة - وهي جمع والمشعر الحرام - ويمنعون الناس أن يفيضوا منها، فأنزل الله (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس) يعنى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق في افاضتهم منها ومن كان بعدهم من قريش، ثم مضى إلى الموقف بعرفات فوقف حتى وقع القرض - إلى آخر الحديث (١).
(فصل) ومما يدل على التمتع بالعمرة إلى الحج هو فرض الله على كل من نأى عن المسجد الحرام ولا يجزيه مع التمكن سواه - بعد اجماع الطائفة عليه - قوله تعالى ﴿وأتموا الحج والعمرة لله﴾ (2)، فأمره تعالى شرعا على الوجوب والفور، فلا يخلو من أن يأتي بهما على الفور، بأن يحرم بالحج أو العمرة معا أو يبدأ بالحج ويثنى بالعمرة أو يبدأ بالعمرة ويثنى بالحج، فالأول يفسد ويبطل، لان عندنا أنه لا يجوز أن يجمع في احرام واحد بين [الحج والعمرة كما لا يجمع في احرام واحد بين] (3) حجتين أو عمرتين. والقسم الثاني أيضا باطل، لان أحدا من الأمة لا يوجب على من أحرم بالحج مفردا أن يأتي عقيبه بلا فصل بالعمرة. فلم يبق الا وجوب القسم الأخير الذي ذكرناه، وهو التمتع الذي ذهبنا إليه.