وكان الشيخ المفيد يستدل بفحوى هذه الآية على وجوب القيام بدفن المؤمنين والصلاة عليهم، لأنه كان يقول بدليل الخطاب ويجعله دليلا. ومنع منه المرتضى، وتوقف فيه أبو جعفر الطوسي. وكذا حالهم في استصحاب الحال.
والقيام في الآية يجوز أن يكون الذي هو مقابل الجلوس، ويكون معناه لا تقف عند قبره، ومن قولهم (قام بكذا) إذا ثبت على صلاحه. ويكون القبر مصدرا على هذا، أي لا تتول دفن ميت منهم. والمفسرون كلهم على أن المراد بذلك الصلاة التي تصلى على الموتى. وكان صلاة أهل الجاهلية على موتاهم أن يتقدم رجل فيذكر محاسن الميت ويثني عليه ثم يقول عليك رحمة الله.
وقوله (انهم كفروا بالله) كسرت ان وفيها معنى العلة لتحقيق الاخبار بأنهم على هذه الصفة، ويدل ذلك على أن الصلاة على الميت عبادة.
(فصل) وقوله تعالى ﴿وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض﴾ (١) يدل بعمومه على أن أحق الناس بالصلاة على الميت وليه، وهو أولى بها من غيره.
وقوله تعالى ﴿وان من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين﴾ (2) الآية.
قال جابر وغيره: ان النبي صلى الله عليه وآله أتاه جبرئيل عليه السلام وأخبره بوفاة النجاشي، ثم خرج من المدينة إلى الصحراء ورفع الله الحجاب بينه وبين جنازته فصلى عليه ودعا له واستغفر له، وقال للمؤمنين صلوا عليه، فقال المنافقون