حولت القبلة قال ناس كيف أعمالنا التي كنا نعمل في قبلتنا الأولى وكيف بمن مات من إخواننا قبل ذلك فأنزله الله. وقال الحسن انه لما ذكر ما عليهم من المشقة في التحويلة أتبعه بذكر مالهم من المثوبة، وانه لا يضيع ما عملوه من الكلفة فيه، لان التذكير به يبعث على ملازمة الحق والرضا به. الثالث قال البلخي انه لما ذكر انعامه عليهم بالتولية إلى الكعبة ذكر السبب الذي استحقوه به، وهو ايمانهم بما حملوه أولا فقال (وما كان الله ليضيع ايمانكم) الذي استحققتم به تبليغ محبتكم في التوجه إلى الكعبة (١).
فان قيل: كيف جاز عليهم الشك فيمن مضى من إخوانهم فلم يدروا أنهم كانوا على حق في صلاتهم إلى بيت المقدس.
قلنا: الوجه فيه أنهم تمنوا وقالوا كيف لإخواننا لو أدركوا الفضل بالتوجه إلى الكعبة معنا، فإنهم أحبوا لهم ما أحبوا لأنفسهم وكان الماضون في حسرة ذلك أو يكون قال ذلك منافق فخاطب الله المؤمنين بما فيه الرد على المنافقين.
وانما جاز أن يضيف الايمان إلى الاحياء على التغليب، لان من عادتهم أن يغلبوا المخاطب على الغائب كما يغلبون المذكر على المؤنث فيقولون (فعلنا بكما وبلغناكما) وإن كان أحدهما حاضرا والاخر غائبا.
(فصل) ثم قال تعالى ﴿قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها﴾ (2). قال قوم: ان هذه الآية نزلت قبل التي تقدمتها، وهي قوله (سيقول السفهاء).