(فصل) ان سأل سائل عن قوله تعالى ﴿وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين﴾ (١) أن قوله (أقيموا الصلاة) يدخل فيها الركوع، فلم قال (واركعوا)، وهل هذا الا تكرار؟
قلنا: هذا أولا يدل على أن الركوع ركن من أركان الصلاة على بعض الوجوه لا تصح من دونه، فهذا انما ذكره للتفخيم والتعظيم لشأن الركوع، كقوله ﴿وملائكته ورسله وجبرئيل وميكال﴾ (٢) وكما قال ﴿فيهما فاكهة ونخل ورمان﴾ (3).
وفعل الركوع يعبر به أيضا عن الصلاة بتمامها، فقول القائل (فرغت من ركوعي) أي من صلاتي، وانما يعبر به عنها لأنه أول ما يشاهد مما يدل على أن الانسان في الصلاة، لان أصل الركوع الانحناء.
وقال بعض المفسرين: ان المأمورين في الآية هم أهل الكتاب ولا ركوع في صلاتهم، فكان الأحسن ذكر المختص دون المشترك لأنه أبعد من اللبس، فأمرهم الله بالصلاة على ما يرونها من أمرهم بضم الركوع إليها، والامر شرعا على الوجوب.
ويمكن أن يقال: ان قوله (أقيموا الصلاة) انما يفيد ايجاب اقامتها، ويحتمل أن يكون ذلك إشارة إلى صلاتهم التي يعرفونها. ويجوز أن يكون أيضا إشارة إلى الصلاة الشرعية، فلما قال (واركعوا مع الراكعين) حتى مع هؤلاء المسلمين الراكعين، فخصصت بالصلاة المنفردة في الشرع، فلا يكون تكرارا بل يكون بيانا.
وقيل فيه وجه لطيف، وهو أنه لما أمر بالصلاة بقوله (أقيموا الصلاة)