سملت أعين الرائية، فأجرى على الباقين ما ذكرناه. وقال قوم الامام مخير فيه.
فمن قال بالأول ذهب إلى أن (أو) في الآية تقتضي التفصيل، ومن قال بالثاني ذهب إلى أنها للتخيير.
(فصل) ومعنى قوله (وأرجلهم من خلاف) معناه أن تقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى ولو كان موضع من على أو الباء لكان المعنى واحدا.
وقوله (أو ينفوا من الأرض) في معناه ثلاثة أقوال:
أحدها - أنه يخرج من بلاد الاسلام ينفى من بلد إلى بلد الا أن يتوب ويرجع، وهو الذي نذهب إليه. وقال أصحابنا: لا يمكن أيضا من دخول بلد الشرك ويقاتل المشركون على تمكينهم من ذلك حتى يتوبوا ويرجعوا إلى الحق.
الثاني - أن ينفى من بلد إلى غيره.
الثالث - أن النفي هو الحبس، ذهب إليه أبو حنيفة.
وأصل النفي الاهلاك، ومنه النفي والاعدام، ومنه النفاية لردئ المتاع.
وقال الفراء: النفي أن يقال من قتله فدمه هدر.
ثم قال (ذلك لهم خزي في الدينا) والخزي الفضيحة، أي ان ما ذكرناه من الاحكام لهم خزي في الدينا ولهم في الآخرة عذاب عظيم زيادة على ذلك. وهذا يبطل قول من قال إقامة الحدود تكفير للمعاصي، لأنه تعالى مع إقامة الحدود عليهم بين أن لهم في الآخرة عذابا عظيما، أي انهم يستحقون ذلك، ولا يدل على أنه تعالى يفعل بهم ذلك لا محالة، لأنه يجوز أن يعفو عنهم.
(فصل) ثم قال تعالى (الا الذين تابوا من قبل أن يقدروا عليهم) أي لكن التائبين من قبل القدرة عليهم فالله غفور رحيم.