قوله تعالى (فامسحوا بوجوهكم وأيديكم)، ودخول الباء إذا لم يكن لتعدية الفعل إلى المفعول لابد له من فائدة والا كان عبثا، ولا فائدة بعد ارتفاع التعدية الا التبعيض (1)، وحكم التبعيض يسرى (2) من الوجوه إلى الأيدي، لان حكم المعطوف والمعطوف عليه سواء في مثل ذلك.
(فصل) والمقيم إذا فقد الماء يتيمم كالمسافر، لان العلة في السفر فقدان الماء. ألا ترى ان السفر بانفراده لا يرخص التيمم فيه، وانما ذكر سبحانه السفر مع السببين للترخيص في التيمم على ما قدمناه، لان الغالب في السفر عوز الماء دون الحضر وبناء كلام العرب على الأغلب كثير.
فان قيل: الآية ترخص للمحدث التيمم إذا فقد الماء، فمن أين لكم ان من سواه ممن ذكرتموه يجوز له أيضا ذلك؟
قلنا: قد قدمنا ان من المعلوم انه تعالى أراد بوجود الماء التمكن من استعماله والقدرة عليه، والتمكن مرتفع في المواضع كلها.
(فصل) قوله تعالى (فلم تجدوا ماءا فتيمموا صعيدا طيبا) يدل على أن المحبوس إذا لم يجد الماء وتيمم وصلى فلا إعادة عليه، خلافا للشافعي.
وانما قلنا إنه لا يعيد، لأنه إذا صلى فقد أدى فرضا بالاتفاق، وإعادة الفرض لا تجب الا بحجة، ولا حجة على إعادة صلاة المحبوس بالتيمم من كتاب ولا سنة ولا اجماع.