وقوله تعالى (وعفا عنكم) أي أزال تحريم ذلك عنكم، وذلك عفو عن تحريمه عنهم (فالآن باشروهن) أي جامعوهن، ومعناه الإباحة دون الامر (وابتغوا ما كتب الله لكم) في معناه قولان: أحدهما قال الحسن يعني طلب الولد، والثاني قال قتادة يعني الحلال الذي بينه الله في كتابه بقوله (كلوا واشربوا) إباحة للاكل والشرب حتى يظهر بياض الفجر من سواد الليل. وقيل خيط الفجر الثاني مما كان في موضعه من الظلام، وقيل النهار من الليل، فأول النهار طلوع الفجر الثاني، لأنه أوسع ضياءا.
وقوله تعالى (من الفجر) يحتمل من معنيين: التبعيض لان المعنى بعض الفجر وليس الفجر كله، أو التبيين أي حتى يتبين الخيط الأبيض الذي هو الفجر.
(فصل) وقوله (ثم أتموا الصيام إلى الليل).
والليل هو بعد غروب الشمس، وعلامة دخوله على الاستظهار سقوط الحمرة من جانب المشرق واقبال السواد منه، والا فإذا غابت الشمس مع ظهور الآفاق في الأرض المبسوطة وعدم الجبال والروابي فقد دخل الليل.
وقوله (وكلوا واشربوا) يمكن أن يقال هو أمر على الوجوب يتناول ما هو قوام البدن، وأمر على الاستحباب بأكل السحور، فإنه عون على الصوم وخلاف على اليهود واقتداء بالرسول، فإنه عليه السلام قال (يستحب السحور ولو بشربة من ماء وأفضله التمر) (1).
وروي أن عدي بن حاتم قال للنبي عليه السلام: اني وضعت خيطين من شعر أبيض وأسود فكنت أنظر فيهما فلا يتبينان لي. فضحك رسول الله عليه السلام