الآية، وقال في الذين وجدوا ذكره فيهما ولم يؤمنوا به ﴿ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا ولما جاءهم ما عرفوا كفروا به﴾ (١)، وقال ﴿ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم﴾ (٢).
ولو أن عليا ابتدأ بالقتال قبل الزام أهل الشام الحجة من الكتاب دخل في زمرة من قال (وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا منهم فريق معرضون) إلى قوله ﴿بل أولئك هم الظالمون﴾ (٣).
فدعاهم أولا إلى ما قاله القرآن ليكون من جملة من قال سبحانه ﴿انما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون﴾ (4).
فعلي كان المنقاد لأمر الله والعامل به والراضي بحكمه، ومعاوية وأصحابه كانوا التاركين لأمر الله والمعرضين عن العدل، ولما علموا أنهم متى حاكموا عليا بما في القرآن وأذعنوا للانصاف وأقروا لذي الفضل بفضله التزموا الظلم والبغي وباؤا بغضب من الله ولم يفيئوا إلى أمر الله، فلذلك دافعوا التحكيم بكتاب الله في عنفوان الامر وأبوا الا القتال، إلى أن ضاق عليهم الامر وأصابهم وقع السيف ففزعوا إلى رفع المصاحف هنالك، فرفعوا على الأسل والتجأوا إلى التحكيم الذي قد كان علي عليه السلام دعاهم إليه أولا فأبوا.
وانما كان دعاء علي عليه السلام إياهم إلى ما في كتاب الله أولا ثقة منه بتحقيق