يروى أن العرب والموالي اختلفتا فيه، فقال الموالي المراد به الجماع، وقال العرب المراد به مس المرأة. فارتفعت أصواتهم إلى ابن عباس فقال: غلب الموالي المراد به الجماع (1).
وسمي الجماع لمسا لان به يتوصل إلى الجماع، كما سمي المطر سماءا.
(فصل) وقوله (فلم تجدوا ماءا) راجع إلى المرضى والمسافرين جميعا، مسافر لا يجد الماء ومريض لا يجد الماء أو من يوضئه أو يخاف الضرر من استعمال الماء، لان الأصل ان حال المرض يغلب فيها خوف الضرر من استعمال الماء، وحال السفر يغلب فيها عدم الماء.
(فتيمموا) أي تعمدوا وتحروا واقصدوا صعيدا.
وقد ذكرنا أن الزجاج قال: الصعيد وجه الأرض. وهذا يوافق مذهب أصحابنا في أن التيمم يجوز بالحجر، سواء كان عليه تراب أو لم يكن.
والتيمم انما يصح ويجب لفريضة الوقت في آخر الوقت وعند تضيقه، لان التيمم بلا خلاف انما هو طهارة ضرورية، ولا ضرورة إليه الا في آخر الوقت، وما قبل هذه الحال لم تتحقق فيه ضرورة.
وليس للمخالف أن يتعلق بظاهر قوله (فلم تجدوا ماءا فتيمموا) وبأنه لم يفرق بين أول الوقت وآخره، لان الآية لو كان له ظاهر يخالف قولنا جاز أن يخصه باجماع الفرقة المحقة وبما ذكرناه أيضا، كيف ولا ظاهر لها ينافي ما نذهب إليه، لأنه تعالى قال (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة)، وأراد - بلا خلاف - إذا أردتم القيام إلى الصلاة كما قدمناه، ثم أتبع ذلك حكم العادم للماء الذي يجب عليه التيمم، فيجب على من تعلق بهذه الآية أن يدل على أن من كان في أول الوقت