أولياء الله، فان ذلك أعظم لاجرك (١).
فقوله (خذ من أموالهم صدقة) أمر منه تعالى بأخذ صدقاتهم على ما تقدم، وفرض على الأمة حملها إليه لفرضه عليها طاعته، والامام قائم مقامه فيما فرض على النبي صلى الله عليه وآله من إقامة الحدود والاحكام، لأنه مخاطب بخطابه في ذلك.
ولما وجد النبي كان الفرض حمل الزكاة [إليه، فلما غاب من العالم بوفاته صار الفرض حمل الزكاة] (٢) إلى خليفته، فإذا غاب الخليفة كان الفرض حملها إلى من نصبه في مقامه من خاصته، فإذا عدم السفراء بينه وبين رعيته وجب حملها إلى الفقهاء المأمونين من أهل ولايته، لان الفقيه أعرف بموضعها ممن لا فقه له.
(فصل) وقوله تعالى ﴿ان عدة الشهور عند الله اثنا عشرا شهر﴾ (3) قال المبرد يعنى ان السنة للمسلمين على الأهلة لا على ما يعده أهل الكتاب، فسمى الله كل ثلاثين يوما أو تسعة وعشرين يوما - عند تجدد رؤية الهلال بعد استسراده - شهرا، وسمى كل اثني عشر شهرا سنة وعاما وحولا، إذ كان لا ينتظم أمر الناس الا بهذا الحساب واجراء الأحوال على مقتضى هذا المثال في جميع الأبواب.
ولما كان سائر الأمم سوى العرب يجعلون الشهر ثلاثين يوما والسنة بحلول الشمس أول الحمل، وذلك انما يكون بانقضاء ثلاثمائة وخمسة وستين يوما وربع يوم، واليهود والنصارى عبادتهم المتعلقة بالأوقات تجرى على هذا الحساب، بين الله أنه حكم بأن تكون السنة قمرية لا شمسية وانه تعبد المسلمين بهذا، فجعل حجتهم وأعيادهم ومعاملاتهم وحساباتهم ووجوب الزكوات عليهم معتبرة بالقمر وشهوره