(فصل) ولا بأس بأن يشرب المضطر من المياه النجسة، ولا يجوز شربها مع الاختيار.
وليس الشرب منها مع الاضطرار كالتطهير، لان التطهير قربة إلى الله، والتقرب إليه تعالى لا يكون بالنجاسات. ولان المحدث يجد في اباحته للصلاة بدلا من الماء عند فقده، قال تعالى ﴿فلم تجدوا ماءا فتيمموا﴾ (١).
ولا يجد المضطر بالعطش بدلا من الماء غيره، فإذا وجد الماء وكان نجسا رخص الله له في تناوله مقدار ما يمسك به رمقه.
ويدل على استباحة الماء النجس في حال الاضطرار أن الله أباح كل محرم عند ضرورة، حيث قال ﴿انما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا اثم عليه﴾ (2)، فبين أنه لا اثم على متناول هذه المحظورات عند الضرورة.
(فصل) والماء إذا خالطه من الطاهرات ما غير لونه أو طعمه أو رائحته، فإنه يجوز التوضؤ به ما لم يسلبه اطلاق اسم الماء عليه، لان الله أوجب التيمم عند فقد الماء بقوله (فلم تجدوا ماءا فتيمموا)، ومن وجد ماءا على تلك الصفة فهو واجد للماء قال الصادق عليه السلام: الماء كله طاهر حتى يعلم أنه قذر (3).
ولا خلاف أن الماء له حكم التطهير إذا كان على خلقته، والخلاف في أنه إذا خالطه غيره أو استعمل.