ينجع فيه الوعظ والتخويف ولا التناول باليد وجب حمل السلاح، لان الفريضة لا تسقط مع الامكان الا بزوال المنكر الذي لزم به الجهاد. الا انه لا يجوز أن يقصد القتال الا وغرضه انكار المنكر.
وأكثر أصحابنا على أن هذا النوع من انكار المنكر لا يجوز الاقدام عليه الا باذن سلطان الوقت، ومن خالفا جوز ذلك من غير الاذن، مثل الدفاع عن النفس سواء.
(فصل) اما قوله تعالى ﴿كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر﴾ (1)، فقد أوجب الله الامر بالمعروف والنهى عن المنكر فيما تقدم من قوله (ولتكن منكم أمة) ثم مدح على قبوله والتمسك به كما مدح بالايمان، وهذا يدل على وجوبهما.
وقد بينا اختلاف المفسرين والمتكلمين في قوله (منكم أمة) انها للتبعيض أو للتبيين والأولى ان يكون للتبيين، والمعنى كونوا أمة تأمرون، كقوله (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون). ولا يصح الاستدلال على أنها للتبعيض أو للتبيين والأولى ان يكون للتبيين، والمعنى كونوا أمة تأمرون، كقوله (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون). ولا يصح الاستدلال على أنها للتبعيض، بأن ذلك لا يصح الا ممن علم المعروف والمنكر وعلم كيف يرتب الامر في اقامته وكيف يباشر، وان الجاهل ربما نهى عن معروف وامر بمنكر، وربما يغلظ في موضع اللين ويلين في موضع الغلظة، وينكر على من لا يزيده انكاره الا تماديا، لان هذا كله من شرائطهما.
وشرائط وجوبهما ثلاثة: أن يعلم المعروف معروفا والمنكر منكرا، وتجويز تأثير انكاره، ولا يكون فيه مفسدة.