من ذلك الماء يأجوج ومأجوج، فهم متصلون بنا من جهة الأب دون الأم. وهذا بعيد وقوله * (فهل نجعل لك خرجا) * أو خراجا معناه: فهل نجعل لك بعضا من أموالنا * (على أن تجعل بيننا وبينهم سدا) * أي: حائطا. وقيل في الفرق بين الخرج والخراج: إن الخراج اسم لما يخرج من الأرض. والخرج: اسم لما يخرج من المال. وقيل: الخراج: الغلة، والخرج: الأجرة. وقيل: الخراج: ما يؤخذ عن الأرض، والخرج ما يؤخذ عن الرقاب، قاله أبو عمرو. وقيل: الخراج: ما يؤخذ في كل سنة. والخرج: ما يؤخذ دفعة عن تغلب.
* (قال) * ذو القرنين * (ما مكني فيه ربي خير) * أي: أعطاني ربي من المال، ومكني فيه من الاتساع في الدنيا، خير مما عرضتموه علي من الأجر * (فأعينوني بقوة) * أي: برجال، فيكون معناه: بقوة الأبدان. وقيل: بعمل تعملونه معي، عن الزجاج. وقيل: بآلة العمل وذلك زبر الحديد، والصفر * (أجعل بينكم وبينهم ردما) * أي: سدا وحاجزا. قال ابن عباس: الردم أشد الحجاب. وقيل: هو السد المتراكب بعضه على بعض * (آتوني زبر الحديد) * أي: أعطوني قطع الحديد، أو جيئوا بقطع الحديد على القراءة الأخرى. وفي الكلام حذف، وهو أنهم أتوه بما طلبه منهم من زبر الحديد، ليعمل الردم في وجوه يأجوج ومأجوج، فبناه. * (حتى إذا ساوى بين الصدفين) * أي: سوى بين جانبي الجبل، بما جعل بينهما من الزبر. قال الأزهري: يقال لجانبي الجبل صدفان، لتصادفهما أي: تحاذيهما وتلاقيهما.
وقيل: هما جبلان كل واحد منهما منعدل عن الآخر، كأنه قد صدف عنه. وقوله:
* (قال انفخوا) * معناه: قال ذو القرنين انفخوا النار على الزبر. أمرهم أن يؤتى بمنافخ الحدادين، فينفخوا في نار الحديد التي أوقدت فيه. * (حتى إذا جعله نارا) * أي:
حتى إذا جعل الحديد كالنار في منظره من الحمي، واللهب، فصار قطعة واحدة، لزم بعضها بعضا * (قال آتوني أفرغ عليه قطرا) * أي: أعطوني نحاسا مذابا، أو صفرا مذابا، أو حديدا مذابا، أصبه على السدين الجبلين، حتى ينسد الثقب الذي فيه، ويصير جدارا مصمتا. فكانت حجارته الحديد، وطينه النحاس الذائب، عن ابن عباس، ومجاهد، والضحاك. قال قتادة: فهو كالبرد المحبر: طريقة سوداء، وطريقة حمراء.
* (فما اسطاعوا أن يظهروه) * معناه: فلما تم لم يستطع يأجوج ومأجوج أن يعلوه