فيها لا يبغون عنها حولا (108) قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربى لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربى ولو جئنا بمثله مددا (109) قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلى أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا (110)) *.
القراءة: قرأ أهل الكوفة غير عاصم: * (أن ينفد) * بالياء. والباقون: * (تنفد) * بالتاء. وفي الشواذ قراءة ابن عباس، وابن مسعود، ومجاهد، وسليمان التيمي:
* (ولو جئنا بمثله مدادا) *.
الحجة: قال أبو علي: تنفد بالتاء أحسن، لأن المسند إليه للفعل مؤنث، والمذكر حسن أيضا، لأن التأنيث ليس بحقيقي. ومن قرأ * (مددا) * فهو منصوب على الحال، كما يقال: جئتك بزيد عونا لك، ومددا لك. ويجوز أن ينتصب على المصدر بفعل مضمر يدل عليه قوله * (ولو جئنا بمثله) * فكأنه قال: أمددنا به امدادا.
ثم وضع مددا موضع امدادا. وقال الزجاج: هو منصوب على التمييز. ومن قال:
* (جئنا بمثله مدادا) * فإنه ينتصب على التمييز، والمعنى بمثله من المداد، ويكون مثل قولك لي مثله عبدا أي: من العبيد، وعلى التمرة مثلها زبدا أي: من الزبد.
اللغة: الفردوس: البستان الذي يجتمع فيه التمر، والزهر، وسائر ما يمتع ويلذ، قال الزجاج: هو البستان الذي يجمع محاسن كل بستان. قال: وقال قوم:
إن الفردوس الأودية التي تنبت ضروبا من النبت. وقالوا: هو بالرومية منقول إلى لفظ العربية، ولم نجده في أشعار العرب إلا في بيت حسان:
فإن ثواب الله كل موحد * جنان من الفردوس فيها يخلد والحول: التحول، يقال: قد حال من مكانه حولا، كما قالوا في المصادر صغر صغرا، وعظم عظما، وعاد في حبها عودا. وقيل: إن الحول أيضا الحيلة.
وقيل: إن الحول بمعنى التحويل، يقال: حولوا عنها تحويلا، وحولا، عن الأزهري، وابن الأعرابي. والمداد: التي يكتب به. والمدد: المصدر، وهو مجئ شئ بعد شئ. والكلمة: الواحدة من الكلام، وقد يقال للقصيدة كلمة، لأنها قطعة واحدة من الكلام ومما يسأل عنه فيقال: وإن الكلمات لأقل العدد، فكيف جاء بها هاهنا؟ والجواب: إن العرب تستغني بالجمع القليل عن الجمع الكثير،