وبالكثير عن القليل، قال الله تعالى: * (وهم في الغرفات آمنون) * والغرف في الجنة أكثر من أن تحصى. وقال * (هم درجات عند الله) * وقال حسان:
لنا الجفنات الغر يلمعن في الضحى * وأسيافنا يقطرن من نجدة دما (1) وكان أبو علي الفارسي ينكر الحكاية التي تروى عن النابغة، وأنه قال لحسان:
قللت جفناتكم وأسيافكم (2). فقال: لا يصح هذا عن النابغة.
الاعراب: إن جعلت * (نزلا) * بمعنى المنزل فهو خبر كان على ظاهره. وإن جعلته بمعنى ما يقام للنازل قدرت المضاف على معنى كانت لهم ثمار جنات الفردوس ونعيمهما نزلا. ويجوز أن يكون * (نزلا) * جمع نازل، فيكون نصبا على الحال من الضمير في * (لهم) *. ومعنى كان أنه كان في علم الله تعالى قبل أن يخلقوا، عن ابن الأنباري. وقوله * (فليعمل) * يجوز كسر اللام وإسكانها، والأصل الكسر إلا أنه يثقل في الفظ.
المعنى: لما تقدم ذكر حال الكافرين، عقبه سبحانه بذكر حال المؤمنين، فقال: * (إن الذين آمنوا) * أي: صدقوا الله ورسوله * (وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس) * أي: كان في حكم الله وعلمه لهم بساتين الفردوس، وهو أطيب موضع في الجنة، وأوسطها، وأفضلها، وأرفعها، عن قتادة. وقيل: هو الجنة الملتفة الأشجار، عن قتادة. وقيل: هو البستان الذي فيه الأعناب، عن كعب.
وروى عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: الجنة مائة درجة، ما بين كل درجتين، كما بين السماء والأرض، الفردوس أعلاها درجة، منها تفجر أنهار الجنة الأربعة، فإذا سألتم الله تعالى فاسألوه الفردوس.