والحذف في اسطاعوا. والإثبات في استطاعوا. كل واحد منهما أحسن من الإدغام على هذا الوجه الذي هو جمع بين السين الساكنة، والتاء المدغمة، وهي ساكنه أيضا. وأما قوله: * (جعله دكا) * فإنه يحتمل أمرين أحدهما: إنه لما قال جعله دكا، كان بمنزلة خلق وعمل، فكأنه قال: دكه دكا، فحمله على الفعل الذي دل عليه قوله * (جعله) * والوجه الآخر: أن يكون جعله ذا دك، فحذف المضاف، ويمكن أن يكون حالا في هذا الوجه. ومن قرأ * (دكاء) *: فعلى حذف المضاف، كأنه جعله مثل دكاء. قالوا: ناقة دكاء أي: لا سنام لها. ولا بد من تقدير الحذف، لأن الجبل مذكر، فلا يوصف بدكاء.
اللغة: السد: وضع ما ينتفي به الخرق، يقال: سده يسده، ومنه سدد السهم، لأن سد عليه طرق الاضطراب. ومنه السداد: الصواب. والردم: السد، والحاجز، يقال ردم فلان موضع كذا يردمه ردما. والثوب المردم: الخلق المرقع، ومنه قول عنترة:
هل غادر الشعراء من متردم؟ * أم هل عرفت الدار بعد توهم أي: هل تركوا من قول يؤلف تأليف الثوب المرقع. والزبرة: الجملة المجتمعة من الحديد، والصفر ونحوهما، وأصله الاجتماع، ومنه الزبور. وزبرت الكتاب: إذا كتبته، لأنك جمعت حروفه. قال أبو عبيدة: القطر: الحديد المذاب، وأنشد:
حسام كلون الملح صاف حديده * جراز من أقطار الحديد المنعت (1) وأصله من القطر، لأن الرصاص والحديد إذا أذيب قطر، كما يقطر الماء.
وفي استطاع ثلاث لغات: استطاع يستطيع، واسطاع يسطيع، واستاع يستيع، بحذف الطاء، استثقلوا اجتماعهما، وهما من مخرج واحد. فأما اسطاع يسطيع بقطع الألف، وهو أطاع أفعل، فزادوا السين عوضا من ذهاب حركة الواو، لأن أصل أطاع أطوع. ومثله: اهراق يهريق، زادوا الهاء في أراق يريق. وليس هذا العوض بلازم. ألا ترى أن ما كان نحوه لم يلزمه هذا العوض.