هي منه في تقدير الانفصال مما قبله، فكذلك لم يبين النون من عين، لأنها جعلت في حكم الاتصال كما كانت الهمزة فيما ذكرنا، كذلك قال أبو الحسن: التبيين يعني تبيين النون أجود في العربية، لأن حروف الهجاء والعدد يفصل بعضها من بعض.
قال: وعامة القراء على خلاف التبيين، ووجهه الرفع في قوله * (يرثني ويرث) * أنه سأل ربه وليا وارثا، وليس المعنى على الجزاء أي: إن وهبته يرث. ووجه الجزم أنه على الجزاء، وجواب الدعاء. ومن قرأ * (يرثني وأرث) * فمعناه التجريد وتقديره:
فهب لي وليا يرثني منه وأرث من آل يعقوب، وهذا الوارث نفسه. قال ابن جني:
قال: وهذا ضرب من العربية غريب، فكأنه جرد منه وارثا. ومثل قوله تعالى: * (لهم فيها دار الخلد) * وهي نفسها دار الخلد، فكأنه جرد من الدار دارا، وعليه قول الأخطل:
بنزوة لص بعد ما مر مصعب * بأشعث لا يفلى، ولا هو يقمل ومصعب نفسه هو الأشعث، فكأنه استخلص منه أشعث. وأما قراءة الحسن * (ذكر رحمة ربك) * فإن فاعل * (ذكر) * ضمير ما تقدم أي: هذا المتلو من القرآن الذي هذه الحروف أوله وفاتحته يذكر رحمة ربك. وعلى هذا أيضا يرتفع قوله * (ذكر رحمة ربك) * أي: هذا القرآن ذكر رحمة ربك. وإن شئت كان التقدير: ومما نقص عليك ذكر رحمة ربك. فيكون على الوجه الأول: ذكر خبر مبتدأ. وعلى الوجه الثاني:
يكون مبتدأ. ومن قال * (خفت الموالي) * فمعناه: قل بنو عمي وأهلي، ومعنى * (من ورائي) * أي: من أخلفه بعدي. فقوله * (من ورائي) * حال متوقعة محكية أي:
متصورا متوقعا كونهم بعدي. ومثله مسألة الكتاب مررت برجل معه صقر صائدا به غدا أي: متصورا به صيده به غدا.
اللغة: الوهن: الضعف ونقصان القوة. يقال: وهن يهن وهنا. والاشتعال:
انتشار شعاع النار، وقوله * (واشتعل الرأس شيبا) * من أحسن الاستعارات، والمعنى اشتعل الشيب في الرأس، وانتشر كما ينتشر شعاع النار. قال الزجاج: يقال للشيب إذا كثر جدا: قد اشتعل رأس فلان، وأنشد للبيد:
إن تري رأسي أمسى واضحا سلط الشيب عليه فاشتعل والدعاء: طلب الفعل من المدعو، وفي مقابلته الإجابة. كما أن في مقابلة الأمر الطاعة. والمولى: أصله من الولي، وهو القرب، وسمي ابن العم مولى، لأنه