كانت صحف علم مدفونة تحته، عن ابن عباس، وسعيد بن جبير، ومجاهد. وقال ابن عباس: ما كان ذلك الكنز إلا علما. وقيل: كان كنزا من الذهب، والفضة، عن قتادة، وعكرمة، واختاره الجبائي، ورواه أبو الدرداء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وقيل:
كان لوحا من ذهب، وفيه مكتوب: عجبا لمن يؤمن بالقدر كيف يحزن! عجبا لمن أيقن بالرزق كيف يتعب! عجبا لمن أيقن بالموت كيف يفرح! عجبا لمن يؤمن بالحساب كيف يغفل! عجبا لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها! لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. عن ابن عباس، والحسن، وروي ذلك عن أبي عبد الله عليه السلام. وفي بعض الروايات زيادة ونقصان. وهذا القول يجمع القولين الأولين، لأنه يتضمن ان الكنز كان مالا كتب فيه علم، فهو مال وعلم.
* (وكان أبوهما صالحا) * بين سبحانه أنه حفظ الغلامين بصلاح أبيهما، ولم يذكر منهما صلاحا، عن ابن عباس. وروي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه كان بينهما وبين ذلك الأب الصالح سبعة آباء. وقال صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله ليصلح بصلاح الرجل المؤمن ولده، وولد ولده، وأهل دويرته، ودويرات حوله، فلا يزالون في حفظ الله لكرامته على الله * (فأراد ربك أن يبلغا أشدهما) * أي: ينتهيا إلى الوقت الذي يعرفان فيه نفع أنفسهما، وحفظ مالهما، وهو أن يكبرا ويعقلا * (ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك) * أي: نعمة من ربك، والمعنى: إن كل ما فعلته رحمة من الله تعالى، أي:
رحم الله بذلك المساكين، وأبوي الغلام، واليتيمين، رحمة * (وما فعلته عن أمري) * أي: وما فعلت ذلك من قبل نفسي، وإنما فعلته بأمر الله تعالى. قال ابن عباس:
يريد انكشف لي من الله علم، فعملت به. ثم قال * (ذلك) * الذي قلته لك * (تأويل ما لم تستطع عليه صبرا) * أي: ثقل عليك مشاهدته ورؤيته، واستنكرته. يقال:
استطاع يستطيع، واسطاع يسطيع.
قال أبو علي الجبائي: لا يجوز أن يكون الخضر حيا إلى وقتنا هذا، لأنه لو كان، لعرفه الناس، ولم يخف مكانه، ولأنه لا نبي بعد نبينا صلى الله عليه وآله وسلم. وهذا الذي ذكره غير صحيح، لأن تبقيته في مقدور الله تعالى، ويجوز أن تنخرق العادة للأنبياء، صلوات الله عليهم، بالإجماع، ولا يمتنع أيضا أن يكون بحيث لا يتعرف إلى أحد، وأن الناس وإن كانوا يشاهدونه لا يعرفونه، وقوله: (إنه لا نبي بعد نبينا) مسلم، ولكن نبوة الخضر عليه السلام كانت ثابتة قبل نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم. وأما شرعه لو كان له