أصحبك * (قد بلغت من لدني عذرا) * أي: قد أعذرت فيما بيني وبينك، وقد أخبرتني أني لا أستطيع معك صبرا، عن ابن عباس. وهذا إقرار من موسى عليه السلام بأن الخضر قد قدم إليه ما يوجب العذر عنده، فلا يلزمه ما أنكره. وروي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تلا هذه الآية فقال: استحيى نبي الله موسى، ولو صبر لرأى ألفا من العجائب. * (فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية) * وهي أنطاكية، عن ابن عباس. وقيل أيلة، عن ابن سيرين، ومحمد بن كعب. وقيل: هي قرية على ساحل البحر. يقال لها ناصرة وبها سميت النصارى نصارى، وهو المروي عن أبي عبد الله عليه السلام.
* (استطعما أهلها) * أي: سألاهم الطعام * (فأبوا أن يضيفوهما) * والتضييف والإضافة بمعنى واحد أي: لم يضيفهما أحد من أهل القرية. وروى أبي بن كعب، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: كانوا أهل قرية لئام. وقال أبو عبد الله عليه السلام: لم يضيفوهما ولا يضيفون بعدهما أحدا إلى أن تقوم الساعة * (فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض) * وصف الجدار بالإرادة مجاز، ومعناه: قرب أن ينقض، وأشرف على أن ينهدم، وذلك على التشبيه بحال من يريد الفعل في الثاني. وهذا من فصيح كلام العرب، ومثله في أشعارهم كثير، قال الراعي يصف الإبل:
في مهمه قلقت بها هاماتها * قلق الفؤوس إذا أردن فصولا وقال الآخر:
يريد الرمح صدر أبي براء، * ويرغب عن دماء بني عقيل وقريب منه قول الآخر:
إن دهرا يلف شملي بسعدى * لزمان يهم بالإحسان أي كأنه يهم، وقال عنترة يصف فرسه:
فازور من وقع القنا بلبانه، * وشكا إلي بعبرة وتحمحم (1) * (فأقامه) * أي: سواه. قيل: إنه دفع الجدار بيده فاستقام، عن سعيد بن جبير * (قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا) * معناه: إنهم لما بخلوا عليهما بالطعام، وأقام