عليه الخشية. وقيل: معناه فكرهنا أن يرهق الغلام أبويه، إثما وظلما، بطغيانه وكفره * (فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة) * أي: ولدا خيرا منه دينا، وطهارة، وصلاحا، * (وأقرب رحما) * أي: وأرحم بهما، عن قتادة. والزكاة: الصلاح.
والزكي: الصالح. والرحم: العطف، والرحمة. وقيل: معناه أبر بوالديه، وأوصل للرحم، عن ابن عباس. وقيل: معناه وأقرب أن يرحما به.
قال قتادة: قال مطرف: أيم الله! إنا لنعلم أنهما فرحا به يوم ولد، وحزنا عليه يوم قتل، ولو عاش كان فيه مهلكتهما، فرضي رجل ما قسم الله له، فإن قضاء الله للمؤمن خير من قضائه لنفسه، وما قضى لك يا بن آدم فيما تكره، خير مما قضى لك فيما تحب، فاستخر الله، وارض بقضائه. وروي أنهما أبدلا بالغلام المقتول جارية، فولدت سبعين نبيا، عن أبي عبد الله عليه السلام. وقيل: إنه تزوجها نبي من الأنبياء، فولدت له نبيا هدى الله على يديه أمة من الأمم، عن الكلبي. وفي قتل الغلام دلالة على وجوب اللطف على ما نذهب إليه، لأن المفهوم من الآية أنه تدبير من الله تعالى، لم يكن يجوز خلافه، وأنه إذا علم من حال الانسان أنه يفسد عند شئ، يجب عليه في الحكمة أن يذهب ذلك الشئ، حتى لا يقع هذا الفساد.
ومتى قيل: إنه لو حصل لنا العلم بذلك، كما حصل لذلك العالم، هل كان يحسن منا القتل؟ قلنا: إن هذا العلم لا يحصل إلا للأنبياء، وعند حصول العلم به يحسن ذلك. ومتى قيل: إن الله كان قادرا على إزالة حياة الغلام بالموت من غير ألم، فتزول التبقية التي هي المفسدة من غير إدخال إيلام عليه بالقتل، فلم أمر بالقتل؟ فالجواب من وجهين أحدهما: إن الله تعالى قد علم أن أبويه لا يثبتان على الإيمان إلا بقتل هذا الغلام، فتعين وجه الوجوب في القتل والآخر: إن تبقية الغلام إذا كانت مفسدة، فالله تعالى مخير في إزالتها بالموت من غير ألم، وبالقتل، لأن القتل وإن كان فيه ألم يلحق المقتول، فإن بإزائه أعواضا كثيرة توازي ذلك الألم، ويزيد عليه أضعافا كثيرة، فيصير القتل بالمنافع العظيمة التي بإزائه، كأنه ليس بألم، ويدخل في قبيل النفع والإحسان.
* (وأما الجدار فكان) * أي: فإنما أقمته لأنه كان * (لغلامين يتيمين في المدينة) * يعني القرية المذكورة في قوله * (أتيا أهل قرية) *. * (وكان تحته كنز لهما) * والكنز هو كل مال مذخور من ذهب، أو فضة، وغير ذلك. واختلف في هذا الكنز، فقيل: