عيش قرنين، فانقرض في وقته قرنان من الناس، وهو حي ومنها: أنه كان كريم الطرفين من أهل بيت الشرف، من قبل أبيه وأمه. قال معاذ بن جبل: كان من أبناء الروم، واسمه الإسكندر، وهو الذي بنى الإسكندرية.
* (قل سأتلوا عليكم منه ذكرا) * معناه: قل يا محمد سأقرأ عليكم منه خبرا، وقصة. * (إنا مكنا له في الأرض) * أي: بسطنا يده في الأرض، وملكناه حتى استولى عليها، وقام بمصالحها. وروي عن علي عليه السلام أنه قال: سخر الله له السحاب، فحمله عليها، ومد له في الأسباب، وبسط له النور، فكان الليل والنهار عليه سواء.
فهذا معنى تمكينه في الأرض، وهو أنه سهل عليه المسير فيها، وذلل له طريقها وحزونها، حتى تمكن منها أنى شاء.
* (وآتيناه من كل شئ سببا) * أي: فأعطيناه من كل شئ علما يتسبب به إلى إرادته، ويبلغ به إلى حاجته، عن ابن عباس، وقتادة، والضحاك. وقيل: معناه وآتيناه من كل شئ يستعين به الملوك على فتح البلاد، ومحاربة الأعداء، عن الجبائي. وقيل: معناه وآتيناه من كل شئ سبيلا، كما قال سبحانه * (لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات) * أي: سبلها * (فأتبع سببا) * معناه فأتبع طريقا واحدا في سلوكه، قال الزجاج: معناه فأتبع سببا من الأسباب التي أوتي بها، وذلك أنه أوتي من كل شئ سببا، فاتبع من تلك الأسباب التي أوتي سببا في المسير إلى المغرب.
ومن قرأ * (فاتبع سببا) * فمعناه: لحق كقوله فأتبعه الشيطان. والأصل فيه ما مر ذكره في الحجة * (حتى إذا بلغ مغرب الشمس) * أي: موضع غروبها أنه انتهى إلى آخر العمارة من جانب المغرب، وبلغ قوما لم يكن وراءهم أحد إلى موضع غروب الشمس، ولم يرد بذلك أنه بلغ إلى موضع الغروب، لأنه لا يصل إليه أحد * (وجدها تغرب) * معناه: وجدها كأنها تغرب * (في عين حمئة) * وإن كانت تغرب في ورائها، عن الجبائي، وأبي مسلم، والبلخي، لأن الشمس لا تزايل الفلك، ولا تدخل عين الماء. ولأنه قال * (وجد عندها قوما) *. ولكن لما بلغ ذو القرنين ذلك الموضع، تراءى له كأن الشمس تغرب في عين، كما أن من كان في البحر رآها كأنها تغرب في الماء، ومن كان في البر يراها كأنها تغرب في الأرض الملساء. والعين الحمئة: هي ذات الحمأة، وهي الطين الأسود المنتن. والحامية: الحارة. وعن كعب قال:
أجدها في التوراة تغرب في ماء وطين. وقوله: * (ووجد عندها قوما) * معناه: ووجد