واو الثمانية، واستدل بقوله: * (حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها) * لأن للجنة ثمانية أبواب، فشئ لا يعرفه النحويون.
المعنى: * (وكذلك أعثرنا عليهم) * أي: وكما أنمناهم وبعثناهم، أطلعنا وأعثرنا عليهم أهل المدينة. و جملة أمرهم وحالهم على ما قاله المفسرون: إنهم لما هربوا من ملكهم، ودخلوا الكهف، أمر الملك أن يسد عليهم باب الكهف، ويدعوهم كما هم في الكهف، فيموتوا عطشا وجوعا، وليكن كهفهم الذي اختاروه قبرا لهم، وهو يظن أنهم أيقاظ. ثم إن رجلين مؤمنين كتبا شأن الفتية، وأنسابهم، وأسماءهم، وخبرهم، في لوح من رصاص، وجعلاه في تابوت من نحاس، وجعلا التابوت في البنيان الذي بنوا على باب الكهف، وقالا: لعل الله يظهر على هؤلاء الفتية قوما مؤمنين، قبل يوم القيامة، ليعلموا خبرهم حين يقرأون هذا الكتاب.
ثم انقرض أهل ذلك الزمان، وخلفت بعدهم قرون وملوك كثيرة، و ملك أهل تلك البلاد رجل صالح، يقال له ندليس، وقيل: بندوسيس، عن محمد بن إسحاق، وتحزب الناس في ملكه أحزابا، منهم من يؤمن بالله، ويعلم أن الساعة حق، ومنهم من يكذب. فكبر ذلك على الملك الصالح، وبكى إلى الله، وتضرع وقال: أي رب! قد ترى اختلاف هؤلاء، فابعث لهم آية تبين لهم بها أن البعث حق، وأن الساعة حق، آتية لا ريب فيها، فألقى الله في نفس رجل من أهل ذلك البلد الذي فيه الكهف، أن يهدم البنيان الذي على فم الكهف، فيبني به حظيرة لغنمه، ففعل ذلك.
وبعث الله الفتية من نومهم فأرسلوا أحدهم ليطلب لهم طعاما، فاطلع الناس على أمرهم، وبعثوا إلى الملك الصالح يعلمونه الخبر، ليعجل القدوم عليهم، وينظر إلى آية من آيات الله جعلها الله في ملكه. فلما بلغه الخبر حمد الله، وركب معه مدينته حتى أتوا أهل الكهف، فذلك قوله * (وكذلك أعثرنا عليهم) *. * (ليعلموا أن وعد الله) * بالبعث، والثواب، والعقاب * (حق وأن الساعة لا ريب فيها) * أي: إن القيامة لا شك فيها، فإن من قدر على أن ينيم جماعة تلك المدة المديدة أحياء، ثم يوقظهم، قدر أيضا على أن يميتهم، ثم يحييهم، بعد ذلك * (إذ يتنازعون بينهم أمرهم) * أي: فعلنا ذلك حين تنازعوا في البعث، فمنهم من أنكره، ومنهم من قال يبعث الأرواح دون الأجسام، ومنهم من أثبت البعث فيهما، وأضاف الأمر إليهم