وللقراء في هذا عادة أن يعبروا عن المخفي بالمدغم للطف ذلك عليهم.
الاعراب: * (كم لبثتم) * تقديره كم يوما لبثتم، فكم: منصوبة بلبثتم. والمميز محذوف ألا ترد أن جوابه * (لبثنا يوما أو بعض يوم) *. * (فلينظر أيها أزكى طعاما) *:
الجملة التي هي * (أيها أزكى) * مفعول * (فلينظر) *، و * (طعاما) *: تمييز.
المعنى: * (وكذلك بعثناهم) * معناه: وكما فعلنا بهم الأمور العجيبة، وحفظناهم تلك المدة المديدة، بعثناهم من تلك الرقدة، وأحييناهم من تلك النومة التي أشبهت الموت * (ليتساءلوا بينهم) * أي: ليكون بينهم تساؤل وتنازع واختلاف في مدة لبثهم، فينتبهوا بذلك على معرفة صانعهم، ويزدادوا يقينا إلى يقينهم * (قال قائل منهم كم لبثتم) * في نومكم * (قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم) * قال المفسرون: إنهم دخلوا الكهف غدوة، وبعثهم الله في آخر النهار، فلذلك قالوا يوما. فلما رأوا الشمس قالوا: أو بعض يوم، وكان قد بقيت من النهار بقية * (قالوا ربكم أعلم بما لبثتم) * وهذا القائل هو تمليخا رئيسهم، عن ابن عباس رد علم ذلك إلى الله تعالى * (فابعثوا أحدكم بورقكم هذه) * والورق: الدراهم، وكان معهم دراهم عليها صورة الملك الذي كان في زمانهم، عن ابن عباس * (إلى المدينة) * يعني المدينة التي خرجوا منها * (فلينظر أيها أزكى طعاما) * أي: أطهر وأحل ذبيحه، عن ابن عباس قال: لأن عامتهم كانت مجوسا، وفيهم قوم مؤمنون يخفون إيمانهم. وقيل: أطيب طعاما، عن الكلبي. وقيل: أكثر طعاما من قولهم زكى المال إذا زاد، عن عكرمة.
وذلك لأن خير الطعام إنما يوجد عند من كثر طعامه. وقيل: كان من طعام أهل المدينة ما لا يستحله أصحاب الكهف * (فليأتكم برزق منه) * أي: فليأتكم بما ترزقون أكله * (وليتلطف) * أي: وليدقق النظر، ويتحيل حتى لا يطلع عليه. وقيل: وليتلطف في الشراء، فلا يماكس البائع، ولا ينازعه.
* (ولا يشعرن بكم أحدا) * أي: لا يخبرن بكم ولا بمكانكم أحدا من أهل المدينة * (إنهم إن يظهروا عليكم) * أي: يشرفوا ويطلعوا عليكم، ويعلموا بمكانكم.
* (يرجموكم) * أي: يقتلوكم بالرجم، وهو من أخبث القتل، عن الحسن. وقيل:
معناه يؤذوكم ويشتموكم، يقال رجمه بلسانه، عن ابن جريج * (أو يعيدوكم في ملتهم) * أي: يردوكم إلى دينهم. * (ولن تفلحوا إذا أبدا) * معناه: ومتى فعلتم ذلك لن تفوزوا أبدا بشئ من الخير. ومتى قيل: من أكره على الكفر فأظهره فإنه مفلح،