العطف، فما يوصل بها بما قبلها بغير حرف العطف من الجملة على أربعة أضرب أحدها: أن تكون صفة والآخر: أن تكون حالا والثالث: أن تكون تفسيرا والرابع أن لا تكون على أحد هذه الأوجه الثلاثة لكن يكون في الجملة الثانية ذكر مما في الأولى، أو ممن فيها.
فالأول: نحو مررت برجل أبوه قائم، وبغلام يقوم. ولا وجه لإدخال حرف العطف على هذا، لأن الصفة تبين الموصوف وتخصصه. فلو عطفت لخرجت بالعطف من أن تكون صفة، لأن العطف ليس الثاني، وهو المعطوف فيه بالأول، وإنما يشرك الثاني في إعراب الأول، والصفة هو الموصوف في المعنى (وأما) الثاني:
وهو أن تكون حالا، فلا مدخل لحرف العطف عليه أيضا، لأن الحال مثل الصفة في أنها تفرق بين هيأتين أو هيئات، كما أن الصفة تفرق بين موصوفين أو موصوفات، وهي مثل المفعول في أنها تكون بعد كلام تام. فكما لا يدخل الحرف العاطف بين الصفة والموصوف، ولا بين المفعول وما عمل فيه، كذلك لا يدخل بين الحال وذي الحال. والجمل الواقعة موقع الحال: إما أن تكون من فعل وفاعل، أو من مبتدأ وخبر، نحو: رأيت زيدا يضحك، وجاء زيد أبوه منطلق، قال الشاعر:
ولولا جنان الليل ما آب عامر إلى جعفر سرباله لم يمزق (1) (وأما) الثالث: وهي الجملة التي تكون تفسيرا لما قبلها، فنحو قوله * (وعد الله الذين آمنوا) *، ثم قال * (لهم مغفرة وأجر عظيم) *. فالمغفرة تفسير الوعد الذي وعدوا. فأما قوله تعالى: * (هل أدلكم على تجارة تنجيكم) *. ثم قال * (تؤمنون بالله) *. فتؤمنون على لفظ الخبر، ومعناه الأمر بدلالة قوله * (يغفر لكم) *. وحسن أن يكون الأمر على لفظ الخبر لوقوعه كالتفسير لما قبله من ذكر التجارة. وحكم التفسير أن يكون خبرا، فلذلك حسن كون الأمر على لفظ الخبر هنا. (وأما) الرابع: الذي لا يكون اتصاله على الوجوه الثلاثة، ويكون في الجملة الثانية ذكر مما في الأولى، فإن هذا الوجه يتصل بما قبله على وجهين أحدهما: بحرف عطف كما يتبع الأجنبية إياها بحرف عطف، وذلك نحو زيد أبوك، وأخوه عمرو، فهذه قد نزلت منزلة