بما علم من صحة أمر موسى حجة عليه؟ فالقول: انه لما قيل له ان رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون، كان ذلك قدحا في علمه، لأن المجنون لا يعلم، فكأنه نفى ذلك، فقال: لقد علمت صحة ما أتيت به، وأنه ليس بسحر، علما صحيحا، كعلم العقلاء، فصير العقل حجة عليه من هذا الوجه، وزعموا أن هذه القراءة رويت عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.
اللغة: الثبور: الهلاك. ثبره الله يثبره، ويثبره لغتان. ورجل مثبور: محبوس عن الخيرات قال:
إذ أجاري الشيطان في سنن الغي، ومن قال مثله مثبور وتقول العرب: ما ثبرك عن هذا الأمر أي: ما صرفك عنه، وما منعك منه.
ولفيف: مصدر قولك لففت الشئ أي: جمعته، يقال: لففته لفا، ولفيفا. ومن ذلك قولهم: لففت الجيوش: ضربت بعضها ببعض، فاختلط الجميع. قال الزجاج: اللفيف الجماعات من قبائل شتى.
المعنى: ثم ذكر سبحانه قصة موسى عليه السلام، فقال: * (ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات) * أي: ولقد أعطينا موسى تسع دلالات، وحجج واضحات، واختلف في هذه الآيات التسع، فقيل: هي يد موسى، وعصاه، ولسانه، والبحر، والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، عن ابن عباس، والضحاك.
وقيل: الطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، والبحر، والعصا، والطمسة، والحجر، عن محمد بن كعب، وعن أبي علي الجبائي أيضا، إلا أنه ذكر بدل الطمسة اليد. وعن قتادة، ومجاهد، وعكرمة، وعطا، كذلك، إلا أنهم ذكروا بدل البحر والطمسة والحجر، اليد والسنين، ونقص من الثمرات. والطمسة: هي دعاء موسى وتأمين هارون. وقال الحسن مثل ذلك، إلا أنه جعل الأخذ بالسنين ونقص من الثمرات آية واحدة، وجعل التاسعة تلقف العصا ما يأفكون.
وقيل: إنها تسع آيات في الاحكام: روى عبد الله بن سلمة، عن صفوان بن عسال أن يهوديا قال لصاحبه: تعال حتى نسأل هذا النبي. قال: فأتى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فسأله عن هذه الآية: فقال: هو أن لا تشركوا بالله شيئا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، ولا تمشوا بالبرئ إلى سلطان ليقتله، ولا