بين سبحانه في هذه الآية أنه شئ واحد، وإن اختلفت أسماؤه وصفاته. وفي الآية دلالة على أن الاسم عين المسمى، وعلى أن تقديم أسمائه الحسنى قبل الدعاء والمسألة مندوب إليه مستحب. وفيها أيضا دلالة على أنه سبحانه لا يفعل القبائح مثل الظلم وغيره، لأن أسماءه حينئذ لا تكون حسنة، فإن الأسماء قد تكون مشتقة من الأفعال، فلو فعل الظلم لاشتق منه اسم الظالم، كما اشتق من العدل العادل وقوله * (ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها) * اختلف في معناه على أقوال أحدها: إن معناه لا تجهر بإشاعة صلاتك عند من يؤذيك، ولا تخافت بها عند من يلتمسها منك، عن الحسن. وروي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا صلى، فجهر في صلاته، تسمع له المشركون، فشتموه وآذوه، فأمره سبحانه بترك الجهر، وكان ذلك بمكة في أول الأمر، وبه قال سعيد بن جبير. وروي ذلك عن أبي جعفر، وأبي عبد الله عليه السلام وثانيها: إن معناه لا تجهر بدعائك، ولا تخافت بها، ولكن بين ذلك، فالمراد بالصلاة الدعاء، عن مجاهد، وعطا، ومكحول، ونحوه روي عن ابن عباس. وثالثها: إن معناه لا تجهر بصلاتك كلها، ولا تخافت بها كلها.
* (وابتغ بين ذلك سبيلا) * بأن تجهر بصلاة الليل، وتخافت بصلاة النهار، عن أبي مسلم ورابعها: لا تجهر جهرا يشغل به من يصلي بقربك، ولا تخافت بها حتى لا تسمع نفسك، عن الجبائي، وقريب منه ما رواه أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: الجهر بها رفع الصوت شديدا، والمخافتة ما لم تسمع أذنيك، واقرأ قراءة وسطا ما بين ذلك، وابتغ بين ذلك سبيلا أي: بين الجهر والمخافتة، ولم يقل بين ذينك، لأنه أراد به الفعل، فهو مثل قوله * (عوان بين ذلك) *. * (وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا) * فيكون مربوبا لا ربا، لأن رب الأرباب لا يجوز أن يكون له ولد * (ولم يكن له شريك في الملك) * فيكون عاجزا محتاجا إلى غيره ليعينه، ولا يجوز أن يكون الإله بهذه الصفة. * (ولم يكن له ولي من الذل) * أي: لم يكن له حليف حالفه لينصره على من يناوئه، لأن ذلك من صفة الضعيف العاجز، ولا يجوز أن يكون الإله بهذه الصفة. قال مجاهد: لم يذل فيحتاج إلى من يتعزز به، يعني أنه القادر بنفسه، وكل ما عبد من دونه، فهو ذليل مقهور. وقيل: معناه ليس له ولي من أهل الذل، لأن الكافر والفاسق لا يكون وليا لله.
* (وكبره تكبيرا) * أي: عظمه تعظيما لا يساويه تعظيما، ولا يقاربه. وروي أن