عبد الله بن أبي أمية المخزومي، ابن عمته عاتكة بنت عبد المطلب، فقال: يا محمد! عرض عليك قومك ما عرضوا فلم تقبله. ثم سألوك لأنفسهم أمورا فلم تفعل. ثم سألوك أن تعجل ما تخوفهم به فلم تفعل. فوالله لا أؤمن بك أبدا حتى تتخذ سلما إلى السماء، ثم ترقى فيه، وأنا أنظر، ويأتي معك نفر من الملائكة، يشهدون لك، وكتاب يشهد لك. وقال أبو جهل: إنه أبى إلا سب الآلهة، وشتم الآباء، وأنا أعاهد الله لأحملن حجرا فإذا سجد، ضربت به رأسه. فانصرف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حزينا لما رأى من قومه، فأنزل الله سبحانه الآيات.
المعنى: لما بين سبحانه فيما تقدم إعجاز القرآن، عقب ذلك البيان بأنهم أبوا إلا الكفر والطغيان، واقترحوا من الآيات ما ليس لهم ذلك، فقال: * (وقالوا لن نؤمن لك) * أي: لن نصدقك فيما تدعي من النبوة * (حتى تفجر لنا من الأرض) * أي:
تشقق لنا من أرض مكة، فإنها قليلة الماء * (ينبوعا) * أي: عينا ينبع منه الماء في وسط مكة * (أو تكون لك جنة) * وهي ما تجنه الأشجار أي: تستره * (من نخيل وعنب فتفجر الأنهار) * من الماء * (خلالها) * أي: وسطها * (تفجيرا) * أي: تشقيقا حتى يجري الماء تحت الأشجار * (أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا) * أي: قطعا قد تركب بعضها على بعض، عن ابن عباس، ومجاهد، وقتادة. وقوله * (كما زعمت) * معناه: كما خوفتنا به من انشقاق السماء وانفطارها. وقيل: معناه كما زعمت أنك نبي تأتي بالمعجزات.
* (أو تأتي بالله والملائكة قبيلا) * أي: كفيلا، ومعناه: تأتي بكل واحد حتى يكون كفيلا ضامنا لنا بما تقول، عن ابن عباس، والضحاك. وقيل: هو جمع القبيلة أي: تأتي بأصناف الملائكة قبيلة قبيلة، عن مجاهد. وقيل: معناه مقابلين لنا كالشئ يقابل الشئ حتى نشاهدهم قبيلا أي: مقابلة، نعاينهم، ويشهدون بأنك حق، ودعوتك صدق، عن الجبائي، وقتادة. وهذا يدل على أن القوم كانوا مشبهة مع شركهم * (أو يكون لك بيت من زخرف) * أي: من ذهب عن ابن عباس ومجاهد، وقتادة، وقيل: الزخرف النقوش، عن الحسن * (أو ترقى في السماء) * أي: تصعد * (ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه) * أي: ولو فعلت ذلك لم نصدقك حتى تنزل على كل واحد منا كتابا من الله، شاهدا بصحة نبوتك، نقرؤه، وهو مثل قوله: * (بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة) *.