الشيخ المفيد، أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (ره)، والبلخي، وجماعة من المعتزلة البغداديين. وقيل: هو معنى في القلب، عن الأسواري. وقيل: إن الروح الانسان، وهو الحي المكلف، عن ابن الأخشيد، والنظام. وقال بعض العلماء: ان الله تعالى خلق الروح من ستة أشياء: من جوهر النور، والطيب، والبقاء، والحياة، والعلم، والعلو، ألا ترى أنه ما دام في الجسد كان الجسد نورانيا يبصر بالعينين، ويسمع بالأذنين، ويكون طيبا، فإذا خرج من الجسد نتن الجسد، ويكون باقيا، فإذا فارقه الروح، بلي وفني، ويكون حيا وبخروجه يصير ميتا، ويكون عالما فإذا خرج منه الروح لم يعلم شيئا، ويكون علويا لطيفا توجد به الحياة بدلالة قوله تعالى في صفة الشهداء * (بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين) * وأجسامهم قد بليت في التراب.
وقوله * (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) * قيل: هو خطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وغيره، إذا لم يبين له الروح، ومعناه: وما أوتيتم من العلم المنصوص عليه إلا قليلا أي:
شيئا يسيرا، لأن غير المنصوص عليه أكثر، فإن معلومات الله تعالى لا نهاية لها، وقيل خطاب لليهود الذين سألوه فقالت له اليهود عند ذلك: كيف، وقد أعطانا الله التوراة؟ فقال: التوراة في علم الله قليل: ثم قال سبحانه * (ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك) * يعني القرآن، ومعناه: إني أقدر أن آخذ ما أعطيتك كما منعت غيرك، ولكني دبرتك بالرحمة لك، فأعطيتك ما تحتاج إليه، ومنعتك ما لا تحتاج إلى النص عليه، وإن توهم قوم أنه مما تحتاج إليه، فتدبر أنت بتدبير ربك، وارض بما اختاره لك * (ثم لا تجد لك به علينا وكيلا) * أي: ثم لو فعلنا ذلك، لم تجد علينا وكيلا يستوفي ذلك منا، وقيل: معناه ولو شئنا لمحونا هذا القرآن من صدرك، وصدر أمتك، حتى لا يوجد له أثر، ثم لا تجد له حفيظا يحفظه عليك، ويحفظ ذكره على قلبك، عن الحسن، وأبي مسلم، والأصم، قالوا: وفي هذا دلالة على أن السؤال وقع عن القرآن. * (إلا رحمة من ربك) * معناه: لكن رحمة من الله ربك لك، أعطاك ما أعطاك من العلوم، ومنعك ما منعك منها، وأثبت القرآن في قلبك، وقلوب المؤمنين * (إن فضله كان) * فيما مضى، وفيما يستقبل * (عليك كبيرا) * عظيما إذ اختارك للنبوة، وخصك بالقرآن، فقابله بالشكر. وقال ابن عباس: يريد حيث جعلك سيد ولد آدم، وختم بك النبيين، وأعطاك المقام المحمود.