سدوم. وقال قتادة: إن قرى قوم لوط بين المدينة والشام * (إن في ذلك لآية) * أي:
عبرة ودلالة * (للمؤمنين) * وخص المؤمنين لأنهم هم الذين انتفعوا بها * (وإن كان أصحاب الأيكة لظالمين) * وأصحاب الأيكة هم أهل الشجر الذين أرسل إليهم شعيب عليه السلام، وأرسل إلى أهل مدين، فأهلكوا بالصيحة. وأما أصحاب الأيكة فأهلكوا بالظلة التي احترقوا بنارها، عن قتادة، وجماعة من المفسرين. ومعنى الآية: انه كان أصحاب الأيكة لظالمين في تكذيب رسولهم، وكانوا أصحاب غياض، فعاقبهم الله تعالى بالحر سبعة أيام، ثم أنشأ سبحانه سحابة فاستظلوا بها، يلتمسون الروح فيها، فلما اجتمعوا تحتها، أرسل منها صاعقة فأحرقتهم جميعا.
* (فانتقمنا منهم) * أي: من قوم شعيب، ومن قوم لوط أي: عذبناهم بما انتقمناه منهم. والانتقام: هو المجازاة على جناية سابقة، وفرق علي بن عيسى بين الانتقام والعقاب بأن الانتقام هو نقيض الإنعام والعقاب هو نقيض الثواب * (وإنهما لبإمام مبين) * معناه: وإن مدينتي قوم لوط وأصحاب الأيكة، بطريق يؤم ويتبع ويهتدى به، عن ابن عباس، ومجاهد، والحسن، وقتادة، وسمي الطريق إماما، لأن الانسان يؤمه، وقيل: معناه وإن حديث مدينتيهما لمكتوب مذكور في اللوح المحفوظ، أو حديث لوط، وحديث شعيب، عن الجبائي، فيكون نظير قوله:
* (وكل شئ أحصيناه في إمام مبين) * والمبين: الظاهر.
ثم أخبر سبحانه عن إهلاك قوم صالح فقال * (ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين) * والحجر: اسم البلد الذي كان فيه ثمود، وإنما سموا أصحاب الحجر، لأنهم كانوا سكانه، كما يسمى الأعراب الذين يسكنون البوادي أصحاب الصحارى، لأنهم كانوا يسكنونها. وقيل: إن الحجر اسم لواد كان يسكنها هؤلاء، عن قتادة.
وإنما قال تعالى * (المرسلين) * لأن في تكذيب صالح تكذيب المرسلين، لأنه كان يدعوهم إلى ما دعا إليه المرسلون، وإلى الإيمان بالمرسلين، فكان في تكذيب أحدهم تكذيب الجميع. وقيل: بعث الله إليهم رسلا منهم صالح، عن الجبائي * (وآتيناهم آياتنا) * أي: آتينا أصحاب الحجر الحجج، والمعجزات، والدلالات الدالة على صدق الأنبياء، وقيل: آتينا الرسل الآيات عن الحسن * (فكانوا عنها) * أي: عن الآيات * (معرضين) * أعرضوا عن التفكر فيها، والاستدلال بها * (وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا آمنين) * أي: وكان قوم صالح في القوة بحيث ينحتون من الجبال بيوتا يسكنونها، وكانوا آمنين من خرابها وسقوطها عليهم. وقيل: كانوا آمنين