في قوله: * (من المثاني) * يكون للتبعيض. ومن قال إنها الحمد، كان * (من) * للتبيين، وقال الراجز:
نشدتكم بمنزل القرآن أم الكتاب السبع من مثاني ثنتين من آي من القرآن والسبع سبع الطول الدواني * (والقرآن العظيم) * تقديره: وآتيناك القرآن العظيم، وصفه بالعظيم، لأنه يتضمن جميع ما يحتاج إليه من أمور الدين، بأوجز لفظ، وأحسن نظم، وأتم معنى. * (لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم) * أي: لا ترفعن عينيك من هؤلاء الكفار إلى ما متعناهم، وأنعمنا عليهم به أمثالا في النعم من الأموال، والأولاد، وغير ذلك من زهرات الدنيا، فإنها في معرض الزوال والفناء، مع ما يتبعها من الحساب والجزاء. وعلى هذا فيكون * (أزواجا) * منصوبا على الحال، والمراد به الأشباه والأمثال.
وقيل: إن معناه لا تنظرن إلى ما في أيديهم من النعم التي هي أشباه يشبه بعضها بعضا، فإن ما أنعمنا عليك وعلى من اتبعك، من أنواع النعم، وهي النبوة، والقرآن، والإسلام، والفتوح، وغيرها، أكثر وأوفر مما آتيناهم. وقيل: إن معناه:
ولا تنظرن، ولا تعظمن في عينيك، ولا تمدهما إلى ما متعنا به أصنافا من المشركين. والأزواج: الأصناف. ويكون على هذا مفعولا به، نهى الله رسوله عن الرغبة في الدنيا، فحظر عليه أن يمد عينيه إليها، وكان رسول الله لا ينظر إلى ما يستحسن من الدنيا * (ولا تحزن عليهم) * أي: على كفار قريش، إن لم يؤمنوا، ونزل بهم العذاب، عن الكلبي. وقيل: لا تحزن عليهم بما يصيرون إليه من عذاب النار بكفرهم، عن الحسن، وقيل: لا تحزن لما أنعمت عليهم دونك، عن الجبائي.
* (واخفض جناحك للمؤمنين) * أي: ألن لهم جانبك، وارفق بهم، عن ابن عباس. والعرب تقول فلان خافض الجناح: إذا كان وقورا حليما، وأصله أن الطائر إذا ضم فرخه إلى نفسه، بسط جناحه، ثم خفضه، فالمعنى تواضع للمؤمنين لكي يتبعك الناس في دينك * (وقل إني أنا النذير المبين) * معناه: وقل إني أنا المعلم بموضع المخافة ليتقى المبين لكم ما تحتاجون إليه، وما أرسلت به إليكم * (كما أنزلنا على المقتسمين) * قيل: فيه قولان أحدهما: إن معناه أنزلنا القرآن عليك كما أنزلنا على المقتسمين، وهم اليهود والنصارى.