بعض الشئ، عن بعض * (وأعرض عن المشركين) * أي: لا تخاصمهم إلى أن تؤمر بقتالهم. وقيل: معناه لا تلتفت إليهم، ولا تخف عنهم، عن أبي مسلم. وقيل:
وأعرض عن مجاوبتهم إذا آذوك، عن الجبائي. * (إنا كفيناك المستهزئين) * أي:
كفيناك شر المستهزئين واستهزاءهم، بأن أهلكناهم، وكانوا خمسة نفر من قريش:
العاص بن وائل، والوليد بن المغيرة، وأبو زمعة، وهو الأسود بن المطلب، والأسود بن عبد يغوث، والحرث بن قيس، عن ابن عباس، وسعيد بن جبير.
وقيل: كانوا ستة رهط، عن محمد بن ثور، وسادسهم الحارث بن الطلاطلة، وأمه عيطلة، قالوا: وأتى جبرائيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والمستهزؤون يطوفون بالبيت، فقام جبرائيل ورسول الله إلى جنبه، فمر به الوليد بن المغيرة المخزومي، فأومى بيده إلى ساقه، فمر الوليد على قين لخزاعة، وهو يجر ثيابه، فتعلقت بثوبه شوكة، فمنعه الكبر أن يخفض رأسه فينزعها، وجعلت تضرب ساقه فخدشته، فلم يزل مريضا حتى مات، ومر به العاص بن وائل السهمي، فأشار جبرائيل إلى رجله، فوطئ العاص على شوكة، فدخلت في أخمص رجله! فقال: لدغت! فلم يزل يحكها حتى مات، ومر به الأسود بن المطلب بن عبد مناف، فأشار إلى عينه فعمي. وقيل: رماه بورقة خضراء فعمي، وجعل يضرب رأسه على الجدار حتى هلك. ومر به الأسود بن عبد يغوث، فأشار إلى بطنه فاستسقى فمات. وقيل: أصابه السموم، فصار أسود، فأتى أهله. فلم يعرفوه، فمات وهو يقول: قتلني رب محمد! ومر به الحارث بن الطلاطلة، فأومى إلى رأسه فامتخط قيحا، فمات: وقيل: إن الحرث بن قيس، أكل حوتا مالحا، فأصابه العطش، فما زال يشرب حتى انقد بطنه فمات.
ثم وصفهم سبحانه بالشرك فقال: * (الذين يجعلون مع الله إلها آخر) * أي:
اتخذوا معه إلها يعبدونه * (فسوف يعلمون) * هذا وعيد لهم، وتهديد * (ولقد نعلم أنك) * يا محمد * (يضيق صدرك) * أي: قلبك * (بما يقولون) * من تكذيبك، والاستهزاء بك، وهذا تعزية من الله تعالى لنبيه، وتطييب لقلبه * (فسبح بحمد ربك) * أي: قل سبحان الله و بحمده * (وكن من الساجدين) * أي: المصلين، عن الضحاك، وابن عباس، قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إذا حزنه أمر، فزع إلى الصلاة.
وقيل: معناه احمد ربك على نعمه إليك، وكن من الذين يسجدون لله، ويوجهون بعبادتهم إليه * (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) * أي إلى أن يأتيك الموت، عن ابن عباس، والحسن، ومجاهد. وقيل: حتى يأتيك اليقين من الخير والشر عند