أما الثالث فهو عبد الله بن وهب، فقد روى عنه القصة وقت السفر، وكان السفر خاصا بالتجارة حيث تبلبل البال وتشتت الأفكار، ولكنه حدث على الجادة ولم يتلعثم ولم يخطئ، فجاء حديثه في قطعة العذاب موافقا لحديثه في بلدته، والراوي إذا حدث في بلده كان أتقن لما يحدث به في حال سفره كما هو معروف ونص عليه الحافظ في الفتح (10 / 444)، وإذا كان شبيب في هذا الحديث قد أجاد في السفر والحضر، فإن هذا غاية ما يطلب في الرجل كما لا يخفى على أولى العناية والإنصاف، وإذ قد انتهى الأمر إلى أن شبيبا قد جود الحديث بهذه الصورة فلا مدخل بعد صحة هذه القصة لمن يأتي من الرواة عن شبيب ويروي الحديث تارة بذكر القصة وتارة أخرى لا يذكرها.
ولكن الهوى والتعصب يدفعان إلى الافتراء، وهو ما تراه هنا بادعاء الألباني اختلافا على أحمد بن شبيب، وجواب هذا الاختلاف الذي ارتأه الألباني فقط: أن أحمد بن شبيب كان يحدث الحديث بطوله وفيه قصة مجئ الرجل لعثمان بن عفان رضي الله عنه حدث بذلك الحافظ الثقة المتقن يعقوب بن سفيان الفسوي كما في دلائل النبوة للبيهقي (6 / 168).
وكان أحمد أحيانا أخرى لا ينشط فيقتصر على أصل الحديث فقط أخرج ذلك ابن السني والحاكم، فكان ماذا بعد ذلك؟ والرجل (أي أحمد) ثقة، اللهم إلا التعنت والتعصب.