وعمدة ابن تيمية على هذا المنع حديث (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا).
والجواب على هذا من وجوه:
* الوجه الأول:
هذا الاستثناء المذكور في الحديث استثناء مفرغ ولا بد من تقدير المستثنى منه، وهو إما أن يحمل على عمومه فيقدر له أعم العام لأن الاستثناء معيار العموم، فيكون التقدير لا تشد الرحال إلى مكان إلا إلى المساجد الثلاثة، وهذا باطل بداهة لأنه يستلزم تعطيل السفر مطلقا إلا للمساجد الثلاثة.
ولكن لا بد أن يكون المستثنى من جنس المستثنى منه، قال ابن النجار الحنبلي في (شرح الكوكب المنير) (3 / 286): ولا يصح الاستثناء أيضا من غير الجنس نحو جاء القوم إلا حمارا، لأن الحمار لم يدخل في القوم، وكذا: له عندي مائة درهم إلا دينارا ونحوه، وهذا هو الصحيح من الروايتين عن الإمام أحمد رضي الله عنه واختيار أكثر من أصحابنا وغيرهم. ا ه واختاره الإمام الغزالي في المنخول (ص 159).
ومن قال بجواز الاستثناء من غير الجنس قال: إنه مجاز.
وعليه فلا يصح أن يقال: قام القوم إلا حمارا مع إرادة الحقيقة.
فإن أراد المجاز صح هنا بأن يجعل الحمار كناية عن البليد.
كذا في المدخل لابن بدران (ص 117)، وفيه أيضا قول الخرقي في مختصره: ومن أقر بشئ واستثنى من غير جنسه كان استثناؤه باطلا. ا ه.