لأن تعظيمه صلى الله عليه وسلم لا ينقطع بموته ولا يقال: إن استغفار الرسول صلى الله عليه وسلم إنما هو في حال حياته، وليست الزيارة كذلك لما أجاب به بعض العلماء المحققين أن الآية دلت على تعليق وجدان الله توابا رحيما بثلاثة أمور: المجئ واستغفارهم واستغفار الرسول لهم.
وقد حصل استغفار الرسول صلى الله عليه وسلم لجميع المؤمنين لأنه صلى الله عليه وسلم قد استغفر للجميع. قال الله تعالى: (واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات) آية 19 سورة محمد صلى الله عليه وسلم. فإذا وجد مجيئهم واستغفارهم تكملت الأمور الثلاثة الموجبة لتوبة الله ورحمته، وقد أجمع المسلمون على استحباب زيارة القبور كما حكاه النووي، وأوجبها الظاهرية، فزيارته صلى الله عليه وسلم مطلوبة بالعموم والخصوص لما سبق . ا ه (ص 102 - 203). وأصل الكلام في " شفاء السقام في زيارة خير الأنام " للتقي السبكي.
* * * وقد اعترض محمد بن صالح العثيمين على الاستدلال بالآية المذكورة فقال في فتاويه (1 / 89) ما نصه:
(إذ) هذه ظرف لما مضى وليست ظرفا للمستقبل لم يقل الله:
ولو أنهم إذا ظلموا بل قال: " إذ ظلموا " فالآية تتحدث عن أمر وقع في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، واستغفار الرسول صلى الله عليه وسلم بعد مماته أمر متعذر لأنه إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث كا قال الرسول صلى الله عليه وسلم صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له، فلا يمكن للإنسان بعد موته أن يستغفر لأحد بل ولا يستغفر لنفسه أيضا لأن العمل انقطع. انتهى.