وقد استعنت بالله تعالى على تحقيق الحق في الأحاديث الواردة في التوسل والزيارة، وأردت أن أسلك فيه سبيل الإنصاف، وبعدت فيه عن المحاباة والتعصب والاعتساف وتقيدت بقواعد الحديث الشريف.
والغرض من هذا المصنف بعد بيان الحق في الأحاديث، هو أن الخلاف في مسألة التوسل هو خلاف في الفروع ومثله لا يصح أن يشنع أخ به على أخيه أو يعيبه به، وأن من قال به - وهو التوسل بالأنبياء والأولياء - متمسك بأدلة ثابتة ثبوت الجبال الرواسي وردها لا يجئ إلا من متعنت أو مكابر، فإن لم تقنع فاسكت وسلم ولا تشنع فالخلاف في الفروع لا يحتمل هذا الافراط، سلك الله بنا سواء السبيل.
وأما المقصود في مسألة الزيارة فهو إثبات إطباق فقهاء الأمة على استحباب أو وجوب زيارة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم بشد رحل أو بدونه، وأن من قال بتحريم الزيارة المستوجبة لشد الرحل قد ابتدع وخالف النصوص الصريحة وإطباق فقهاء مذهبه فضلا عن المذاهب الأخرى.
فأولى بأولي النهى ترك الشاذ من القول والتسليم بالمعروف المشهور الذي أطبقت الأمة على العمل به والله المستعان.
أما من تعود أن يقول: عنزة ولو طارت، أو يا داخل مصر مثلك كثير، فهو مكابر أو متعنت فلا كلام لنا معه، فقد خالف صريح الدليل وخالف أعيان الأئمة وسرج الأمة.
وقد سميت هذا المصنف (رفع المنارة لتخريج أحاديث التوسل والزيارة).