والثانية: إن كلام ابن سعد هو كلام مدني في عراقي وقد كان بينهما ما كان، وهو ما علل به الحافظ في مقدمة الفتح (ص 443) سبب عدم قبول كلام ابن سعد فقال:
ابن سعد يقلد الواقدي، والواقدي على طريقة أهل المدينة في الانحراف على أهل العراق فاعلم ذلك ترشد إن شاء الله تعالى. ا ه.
وعليه فإذا وجدت لابن سعد جرحا في عراقي فلا بد من الحذر والتأني في قبوله، أما إذا وثق ابن سعد عراقيا كوفيا فلا بد من العض عليه بالنواجذ فإن شهادة الخصم هي من أقوى الشهادات.
ثم قول ابن سعد: (كان ثقة إن شاء الله تعالى وله أحاديث صالحة ومن الناس من لا يحتج به) يفيد أشياء:
1 - توثيقه لعطية العوفي.
2 - إن عطية العوفي له أحاديث صالحة مقبولة.
3 - إن مما يؤكد توثيقه وسبره لحاله أنه رأى بعضهم لم يحتج به فأعرض عنهم ورجح توثيقه مما يبين لك أنه لم يقنع بقولهم - وهو المتحامل على الكوفة - ولم يقف عنده لما ظهر له من أنه ليس جرحا في الحقيقة، ولو كان جرحا لرد حديثه وصرح بعدم توثيقه.
والحاصل أن توثيق ابن سعد لعطية العوفي مقبول ولا بد، والله أعلم.
* * * فصل أما إمام الجرح والتعديل يحيى بن معين، فقد وثقه ونقل عنه ذلك