وقد روينا عن رافع بن خديج في باب المزارعة الذي قبل هذا الباب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مر برجل يزرع له فسأله عنه فقال هو زرعي والأرض لآل فلان والبذر من قبلي بنصف ما يخرج فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أربيت خذ نفقتك فلم يكن ذلك على معنى خذ نفقتك من رب الأرض لان رب الأرض لم يأمره بالانفاق لنفسه ولكن معنى ذلك خذ نفقتك مما قد خرج من الزرع من هذا الزرع وتصدق بما بقي فما قد رويناه عن رافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن زرع في أرض غيره وقد جعل له نفقته كذلك أيضا وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن في هذا الباب رحمة الله عليهم أجمعين كتاب الشفعة باب الشفعة بالجوار حدثنا يونس قال أخبرنا بن وهب قال أخبرني بن جريج أن أبا الزبير أخبره أنه سمع جابر بن عبد الله يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الشفعة في كل شرك بأرض أو ريع أو حائط لا يصلح أن يبيع حتى يعرض على شريكه فيأخذ أو يدع قال أبو جعفر فذهب قوم إلى أن الشفعة لا تكون إلا بالشركة في الأرض أو الحائط أو الريع ولا يجب بالجوار واحتجوا في ذلك بهذا الحديث وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا الشفعة فيما وصفتم واجبة للشريك الذي لم يقاسم ثم هي من بعده واجبة للشريك الذي قاسم بالطريق الذي قد بقي له فيه الشرك ثم هي من بعده واجبة للجار الملازق وكان من الحجة لهم في ذلك أن هذا الأثر إنما فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الشفعة في كل شرك بأرض أو ريع أو حائط ولم يقل إن الشفعة لا تكون إلا في كل شرك فلا يكون ذلك نفيا أن يكون الشفعة واجبة بغير الشرك ولكنه إنما أخبر في هذا الحديث أنها واجبة في كل شرك ولم ينف أن تكون واجبة في غيره وقد جاء عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم ما قد زاد على معنى هذا الحديث حدثنا أبو بشر الرقي قال ثنا شجاع بن الوليد عن عبد الملك بن أبي سليمان عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الجار أحق بشفعة جاره فإن كان غائبا انتظر إذا كان طريقهما واحدا
(١٢٠)