قال أبو جعفر فذهب قوم إلى أن بيع الفضة بالفضة والذهب بالذهب مثلين بمثل جائز إذا كان يدا بيد واحتجوا في ذلك بما رويناه عن أسامة بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا لا يجوز بيع الفضة بالفضة ولا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد وكانت الحجة لهم في تأويل حديث بن عباس رضي الله عنهما عن أسامة رضي الله عنه الذي ذكرنا في الفصل الأول أن ذلك الربا إنما عني به ربا القرآن الذي كان أصله في النسيئة وذلك أن الرجل كان يكون له على صاحبه الدين فيقول له أجلني منه إلى كذا وكذا بكذا وكذا درهما أزيدكها في دينك فيكون مشتريا لأجل بمال فنهاهم الله عز وجل عن ذلك بقوله يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين ثم جاءت السنة بعد ذلك بتحريم الربا في التفاضل في الذهب بالذهب والفضة بالفضة وسائر الأشياء المكيلات والموزونات على ما ذكره عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رويناه عنه فيما تقدم من كتابنا هذا في باب بيع الحنطة بالشعير فكان ذلك ربا حرم بالسنة وتواترت به الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قامت بها الحجة والدليل على أن ذلك الربا المحرم في هذه الآثار هو غير الربا والذي رواه بن عباس عن أسامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجوع بن عباس رضي الله عنهما إلى ما حدثه به أبو سعيد رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما قد ذكرناه في هذا الباب فلو كان ما حدثه به أبو سعيد رضي الله عنه من ذلك في المعنى الذي كان أسامة رضي الله عنه حدثه به إذا لما كان حديث أبي سعيد عنده بأولى من حديث أسامة رضي الله عنه ولكنه لم يكن علم بتحريم رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الر با حتى حدثه به أبو سعيد رضي الله عنه فعلم أن ما كان حدثه به أسامة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في ربا غير ذلك الربا فمما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في نحو ما ذكره أبو سعيد رضي الله عنه ما حدثنا ابن أبي داود قال ثنا
(٦٥)