بعضهم أولى ببعض في كتاب الله تعالى فإنما كانت تلك الآيات في العصبات في الجاهلية وكان الرجل في الجاهلية يعاقد الرجل فيقول ترثني وأرثك فلما نزلت هذه الآية ترك ذلك قال فقدم الكتاب إلى شريح فقرأه وقال إنما أعتقها حيتان بطنها وأبى أن يرجع عن قضائه وكان من الحجة للآخرين على أهل هذه المقالة أن عبد الله بن الزبير قد أخبر في حديثه هذا أنهم كانوا يتوارثون بالتعاقد دون الأنساب فأنزل الله عز وجل ردا لذلك وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله فكان في هذه الآية دفع الميراث بالعاقدة وإيجابه لذوي الأرحام دونهم ولم يبين لنا في هذه الآية أن ذوي الأرحام هم العصبة أو غيرهم فقد يحتمل أن يكونوا هم العصبة ويحتمل أن يكون كل ذي رحم على ما جاء في تفصيل المواريث في غير هذا الحديث فلما كان ما ذكرنا كذلك ثبت أن لا حجة لأحد الفريقين في هذا الحديث وإنما هذا الحديث حجة على ذاهب لو ذهب إلى ميراث المتعاقدين بعضهم من بعض لا غير ذلك فهذا معنى حديث بن الزبير وقد ذهب أهل بدر إلى مواريث ذوي الأرحام فمما روي عنهم في ذلك ما ذكرناه فيما تقدم من كتابنا هذا عن عمر في كتابه إلى أبي عبيدة بن الجراح فلم يذكر أبو عبيدة ذلك عليه فدل أن مذهبه فيه كان كمذهبه وقد حدثنا علي بن شيبة قال ثنا يزيد بن هارون قال أنا داود بن أبي هند عن الشعبي قال اتي زياد في رجل مات وترك عمته وخالته فقال هل تدرون كيف قضى عمر فيها قالوا لا قال والله إني لأعلم الناس بقضاء عمر فيها جعل العمة بمنزلة الأخ والخالة بمنزلة الأخت فأعطى العمة الثلثين والخالة الثلث حدثنا علي قال ثنا يزيد قال أنا يزيد بن إبراهيم والمبارك بن فضالة عن الحسن عن عمر أنه جعل للعمة الثلثين وللخالة الثلث حدثنا علي قال ثنا يزيد قال أنا سفيان عن منصور عن إبراهيم عن مسروق قال أتى عبد الله في إخوة لام وأم فأعطى الاخوة من ألام الثلث وأعطى الام سائر المال وقال الام عصبة من لا عصبة له وكان لا يرد على الاخوة لام مع الام ولا على ابنة بن مع ابنة الصلب ولا على أخوات لأب مع أخت لأب وأم ولا على جدة ولا على زوج
(٣٩٩)