كان ما فعله في هذا دليلا أن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله ذلك عنده من النبيذ الشديد هو السكر منه لا غير فإما أن يكون سمع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم قولا أو رآه رأيا فإن ما يكون منه في ذلك يكون رآه رأيا فرأيه في ذلك عندنا حجة ولا سيما إذ كان فعله المذكور في الآثار التي رويناها عنه بحضرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينكره عليه منهم منكر فدل ذلك على متابعتهم إياه عليه وهذا عبد الله بن عمر وهو أحد النفر الذين رووا عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم كل مسكر حرام وقد روى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ما حدثنا أبو أمية قال ثنا أبو نعيم قال ثنا عبد السلام عن ليث عن عبد الملك بن أخي القعقاع بن شور عن ابن عمر قال شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بشراب فأدناه إلى فيه فقطب فرده فقال رجل يا رسول الله أحرام هو فرد الشراب ثم عاد بماء فصبه عليه ذكر مرتين أو ثلاثا ثم قال إذا اغتلمت هذه الأسقية عليكم فاكسروا متونها بالماء حدثنا وهب بن عثمان البغدادي قال ثنا أبو همام قال حدثني يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن إسماعيل بن أبي خالد قال ثنا قرة العجلي قال حدثني عبد الملك بن أخي القعقاع عن ابن عمر مثله حدثنا محمد بن عمرو بن يونس قال حدثني أسباط بن محمد عن الشيباني عن عبد الملك بن نافع قال سألت بن عمر فقلت إن أهلنا ينبذون نبيذا في سقاء لو أنهكته لاخذ في فقال بن عمر إنما البغي على من أراد البغي شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند هذا الركن وأتاه رجل بقدح من نبيذ ثم ذكر مثل حديث أبي أمية غير أنه قال فاكسروها بالماء ففي هذا إباحة قليل النبيذ الشديد وأولى الأشياء بنا إذ كان قد روي عنه هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم فروى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم كل مسكر حرام أن نجعل كل واحد من القولين على معنى غير المعنى الذي عليه القول الآخر فيكون قوله كل مسكر حرام على المقدار الذي يسكر منه من النبيذ ويكون ما في الحديث الآخر على إباحة قليل النبيذ الشديد وقد روي عن أبي مسعود الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو حديث بن عمر هذا أخبرنا فهد قال ثنا محمد بن سعيد قال ثنا يحيى بن اليمان عن سفيان عن منصور عن خالد بن سعد عن أبي مسعود قال عطش النبي صلى الله عليه وسلم حول الكعبة فاستسقى فأتي بنبيذ من نبيذ السقاية فشمه فقطب فصب عليه من ماء زمزم ثم شرب فقال رجل أحرام هو فقال لا
(٢١٩)