فذكروا ما حدثنا أحمد بن داود قال ثنا أبو الوليد قال ثنا شعبة عن عدي بن ثابت عن البراء رضي الله عنه أنهم أصابوا من الفئ حمرا فذبحوها فقال النبي صلى الله عليه وسلم أكفئوا القدور قالوا فبين هذا الحديث أن تلك الحمر كانت نهبة فقيل لهم فإذا ثبت أنها كانت نهبة كما ذكرتم فما دليلكم على أن النهي كان للنهبة وما جعلكم بتأويل ذلك النهي أنه كان للنهبة أولى من غيركم في تأويله أن النهي عنها كان لها في أنفسها لا للنهبة وقد ذكرنا في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم أكفئوها فإنها رجس فدل ذلك على أن النهي وقع عليها لأنها رجس لا لأنها نهبة وفي حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم أكفئوا القدور واكسروها فقالوا يا رسول الله أو نغسلها فقال أو ذاك فدل ذلك أيضا على أن النهي كان لنجاسة لحوم الحمر لا لأنها نهبة ولا لأنها مغصوبة ألا يرى أن رجلا لو غصب رجلا شاة فذبحها وطبخ لحمها أن قدره التي طبخ ذلك فيها لا يتنجس وأن حكمها في طهارتها حكم ما طبخ فيه لحم غير مغصوب فدل ما ذكرنا من أمره إياه بغسلها على نجاسة ما طبخ فيها على أن الامر الذي كان منه بطرح مكان فيها لنجاستها لا لغصبهم إياها وقد رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر في شاة غصبت فذبحت وطبخت بخلاف هذا حدثنا فهد قال ثنا النفيلي قال ثنا زهير بن معاوية قال ثنا عاصم بن كليب عن أبيه عن رجل قال حسبته من الأنصار أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة فلقيه رسول امرأة من قريش يدعوه إلى طعام فجلسنا مجالس الغلمان من آبائهم ففطن آباؤنا النبي صلى الله عليه وسلم وفي يده أكلة فقال إن هذا لحم شاة يخبرني أنها أخذت بغير حلها فقامت المرأة فقالت يا رسول الله لم تزل تعجبني أن تأكل في بيتي وإني أرسلت إلى البقيع فلم توجد فيه شاة وكان أخي اشترى شاة بالأمس فأرسلت بها إلى أهله بالثمن فقال أطعموها الأسارى فتنزه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكلها ولم يأمر بطرحها بل أمرهم بالصدقة بها إذ أمرهم أن يطعموها الأسارى فهذا حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في اللحم الحلال إذا غصب فاستهلك فلو كانت لحوم الحمر الأهلية حلالا عنده لأمر فيها لما انتهبت بمثل ما أمر به في هذه الشاة لما غصبت ولكنه إنما أمر في لحم تلك الحمر لما أمر به لمعنى خلاف المعنى الذي من أجله أمر في لحم هذه الشاة بما أمر به
(٢٠٨)