فقالوا أكفئ إناءك يا أنس فكفأتها فلم يرجع إلى رؤوسهم حتى لقوا الله عز وجل وكان خمرهم يومئذ البسر والتمر (0) حدثنا عبد الله بن محمد بن خشيش قال ثنا مسلم بن إبراهيم قال ثنا هشام عن قتادة عن أنس قال إني لأسقي أبا طلحة وأبا دجانة وسهيل بن بيضاء خليط بسر وتمر إذ حرمت الخمر فارقتها وأنا ساقيهم يومئذ وأصغرهم وإنا نعدها يومئذ خمرا قالوا هذا ما يدل على أن ذلك كان خمرا أيضا قيل لهم ليس في ذلك دليل على ما ذكرت لأنه قد يجوز أن يكون الشراب نقيع تمر مخمر فثبت بذلك قول من كره نقيع التمر ولا يجب بذلك حجة حرمة طبيخه ويحتمل أن يكونوا فعلوا ذلك لعلمهم أن كثير ذلك مسكر فلم يأمنوا على أنفسهم الوقوع فيه لقرب عهدهم به فكسروه لذلك وأما قول أنس وإنها لخمرنا يومئذ فيحتمل أن يكون أراد بذلك ما كنا نخمر والدليل على ذلك ما حدثنا فهد قال ثنا أحمد بن يونس قال ثنا ابن شهاب عن أبي ليلى عن عيسى أن أباه بعثه إلى أنس في حاجة فأبصر عنده طلاء شديدا والطلاء ما يسكر كثيره فلم يكن ذلك عند أنس خمرا وإن كثيره يسكر وثبت بما وصفنا أن الخمر عند أنس لم يكن من كل شراب ولكنها من خاص من الأشربة وقد وجدنا من الآثار ما يدل على ما ذكرنا أيضا مما تأولنا عليه أحاديث أنس حدثنا فهد قال ثنا أبو نعيم قال ثنا مسعر بن كدام عن أبي عون الثقفي عن عبد الله بن شداد بن الهاد عن عبد الله بن عباس قال حرمت الخمر بعينها والسكر من كل شراب فأخبر بن عباس أن الحرمة وقعت على الخمر بعينها وعلى السكر من سائر الأشربة سواها فثبت بذلك أن ما سوى الخمر التي حرمت مما يسكر كثيره قد أبيح شرب قليله الذي لا يسكر على ما كان عليه من الإباحة المتقدمة تحريم الخمر وأن التحريم الحادث إنما هو في عين الخمر والسكر مما في سواها من الأشربة فاحتمل أن يكون الخمر المحرمة هي عصير العنب خاصة واحتمل أن يكون كل ما خمر من عصير العنب وغيره فلما احتمل ذلك وكانت الأشياء قد تقدم تحليلها جملة ثم حدث تحريم في بعضها لم يخرج شئ مما قد أجمع على تحليله إلا بإجماع يأتي على تحريمه
(٢١٤)