فقال أهل المقالة الأولى فانا قد وجدنا في بعض الآثار أن ما كان يصليه بقومه هو تطوع وأن ما كان يصليه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فريضة وذكروا في ذلك ما حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال ثنا أبو عاصم عن ابن جريج عن عمرو قال أخبرني جابر رضي الله عنه أن معاذا كان يصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ثم ينصرف إلى قومه فيصليها بهم هي له تطوع ولهم فريضة فكان من الحجة للآخرين عليهم ان بن عيينة قد روى هذا الحديث عن عمرو بن دينار كما رواه بن جريج وجاء به تاما وساقه أحسن من سياق بن جريج غير أنه لم يقل فيه هذا الذي قاله بن جريج هي له تطوع ولهم فريضة فيجوز أن يكون ذلك من قول بن جريج ويجوز أن يكون من قول عمرو بن دينار ويجوز أن يكون من قول جابر فمن أي هؤلاء الثلاثة كان القول فليس فيه دليل على حقيقة فعل معاذ أنه كذلك أم لا لأنهم لم يحكوا ذلك عن معاذ إنما قالوا قولا على أنه عندهم كذلك وقد يجوز أن يكون في الحقيقة بخلاف ذلك ولو ثبت ذلك أيضا عن معاذ لم يكن في ذلك دليل أنه كان بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو أخبره به لأقره عليه أو غيره وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما أخبره رفاعة بن رافع أنهم كانوا يجامعون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يغتسلون حتى ينزلوا فقال لهم عمر رضي الله عنه فأخبرتم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فرضيه لكم قال لا فلم يجعل ذلك عمر رضي الله عنه حجة فكذلك هذا الفعل لو ثبت أن معاذا فعله في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن في ذلك دليل أنه بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على خلاف ذلك حدثنا فهد قال ثنا يحيى بن صالح الوحاظي ح وحدثنا علي بن عبد الرحمن قال ثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب قالا ثنا سليمان بن بلال قال ثنا عمرو بن يحيى المازني عن معاذ بن رفاعة الزرقي أن رجلا من بنى سلمة يقال له سليم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أنا نظل في أعمالنا فنأتي حين نمسي فنصلي فيأتي معاذ بن جبل فينادي بالصلاة فنأتيه فيطول علينا فقال له النبي صلى الله عليه وسلم يا معاذ لا تكن فتانا إما أن تصلي معي وإما أن تخفف عن قومك
(٤٠٩)