وكل واحد من هؤلاء الأئمة، وإن كان إماما متفقا عليه، ولكنهم لم يصلوا - ولا غيرهم - معشار ما وصل إليه:
وليس على الله بمستنكر * ان يجمع العالم في واحد فأصحابنا الحنيفة - عاملهم الله بألطافه الخفية - هم السابقون في الفقه والاجتهاد، ولهم الرتبة العليا في الفقه والحديث والارشاد، وهم الربانيون في علم الكتاب والسنة وملازمة القدوة ومجانبة الهوى والبدعة، ولزوم طريق السنة والجماعة، الذي كان عليه الصحابة والتابعون، ومضى عليه السلف الصالحون.
فالطريق المتباهى في أصول الشريعة وفروعها على الكمال، هو طريق أصحابنا بحمد الله المهيمن المتعال، انتهى إليهم الدين بكماله، وقام الشرع بفتواهم إلى آخر الدهر بخصاله.
ثم إن من المجتهدين الذين ذهبوا إلى ما يذهبه الامام الهمام، وسلموا له الأصول وقلدوه في الاحكام - هذا المصنف المصنف العلامة الحجة هادي الناس إلى المحجة، قامع الهوى والبدعة، الجامع بين التحديث والفقاهة، الجليل قدره، والجميل ذكره، عظيم الشأن، قوى البرهان، عالم القرآن، حافظ أحاديث الرسول إلى الإنس والجان الذي سلم له الفقهاء والمحدثون أجمعون، ومما أفاد في مصنفاته البديعة من الفوائد البهية يستضيئون. وفاق الاقران في الحفظ والاتقان، وسبقهم في استنباط الاحكام، من السنة والقرآن، الامام الجليل، والعالم النبيل، صاحب معاني الآثار، وقد يقال له شرح معاني الآثار، الإمام أبو جعفر الطحاوي الحنفي، رحمة الله عليه مر الأيام والليالي.
فمن الواجب علينا ان نذكر ترجمته في مقدمة كتابه، كي يطمئن المؤمنون بنباهته، ويؤمن المنكرون بنبالته، فأقول - سائلا من الله المنان - العصمة في هذا الشأن، وطالبا منه توفيق تحرير الجمل الجميلة، في أثناء البيان، إذ لا آمن على نفسي من السهو والخطأ والنسيان، فإنه قلما ينجو منه من افراد الانسان آخذا مما أفاده صاحب الكمال الجلي المحقق المحدث الجلال السيوطي في (حسن المحاضرة في اخبار مصر والقاهرة) والحافظ الامام الذهبي في التذكرة، والعلامة الفهامة محمود بن سليمان الكفوي في طبقاته وصاحب العلم الباهر والفضل الظاهر المحدث المكي على القارئ في طبقاته، والعلامة الماهر الشيخ عبد القادر في طبقاته والسمعاني في أنسابه، وابن خلكان في تاريخه والإتقاني في (غاية البيان) واليافعي في (مرآة الجنان).
هو الامام حافظ الاسلام خاتمة الجهابذة النقاد الاعلام شيخ الحديث وطبيب علله في القديم والحديث، أحمد بن محمد بن سلامة بن عبد الملك بن سلمة بن سليم بن سليمان بن خباب الأزدي الحجري المصري، أبو جعفر الطحاوي الحنفي، الفقيه الامام الحافظ، تكرر ذكره في (الهداية) و (الخلاصة).
والأزدي، بفتح الهمزة، وسكون الزاي المعجمة، نسبة إلى أزد شنوءة، وهو أزد بن غوث، ونسبة إلى أزد ابن عمران، ونسبة إلى أزد الحجر، وهي نسبة أبى جعفر الطحاوي.
والحجري بفتح الحاء المهملة، وسكون الجيم في آخرها راء، هذه النسبة إلى ثلاث قبائل، اسم كل واحد منها حجر، أحدا حجر بن وحير، وثانيها حجر ذي رعين، وثالثها حجر الأزد، منهم الحافظ المصري الطحاوي، كان ثقة نبيلا من أوعية الحديث، كذا ذكره الشيخ عبد القادر في الطبقات.
وقال المجد في قاموسه: (ومن حجر الأزد الحافظان، عبد الغنى: والامام أبو جعفر الطحاوي) انتهى بلفظه.